بعد أربعة أشهر على إصدار أغنيتها "أجمل فرحة" ذات الطابع الرومانسي المبتهج، تعود مهى فتوني بأغنية جديدة تحمل عنوانًا لافتًا: "مأساة". الأغنية التي كتبت كلماتها زياد حسن ولحنها محمود أنور ووزعها محمد مجدي، صدرت من دون فيديو كليب تقليدي بل بصور مصاحبة تبدو وكأنها صُممت بتقنيات الذكاء الاصطناعي وهو ما عكس المزاج السوداوي الذي تدور حوله الأغنية.
مهى فتوني تروي مأساة الفراق
منذ اللحظة الأولى تمهد نغمات البيانو لانغماسنا في حالة من الدراما والحزن الخالص، قبل أن يدخل صوت مهى بصفاء ودون مؤثرات أو آلات كثيفة مرافقة، ليحكي بشجن مأساة الانكسار العاطفي بصدق لا يمكن تجاهله حيث تقول: "قلبي أنا موجوع / وأما الليل يجي ما نامش / ليه أنا أبكي دموع / وإنت اللي متتألمش".
تشعرنا مهى أنها لا تغني فقط بل تنطق بلسان كل من خذلهم الحب. تحول مشاعر الانكسار إلى سرد داخلي مؤلم، يبدأ همسًا على البيانو ثم يتصاعد دراميًا بانفعالات موسيقية مدروسة. موسيقيًا ينجح الموزع محمد مجدي في خلق لحظات سكون تشبه استراحة ذهنية في وسط المعاناة، بينما تأتي التساؤلات الوجودية لمهى كأنها صدى داخلي لأفكارها وجراحها.
في المقطع الثاني تبدو كأنها تحاول فهم الألم أكثر في محاولة منها النجاة منه ثم تعود لتكون مترددة من التخلص من هذه الحالة المعقدة وكأنها أسيرة لهذا الألم. تسرد المشاعر والتفاصيل وكأنها تتلو فصلًا من رواية أو ربما اعترافًا مأخوذًا من دفتر يوميات أحدهم.
حكم أولي
منذ أغنية "الصبر جميل" أدركت مهى أن الدراما العاطفية ليست مجرد اختيار فني بل صوتها الحقيقي. ومع النجاح الكبير الذي حصدته تلك الأغنية كان هناك تساؤل منطقي: هل كانت "ضربة حظ" أم بداية خط صادق؟ ومع صدور "مأساة" يبدو الجواب أكثر وضوحًا: مها وجدت صوتها وجمهورها وجد فيها صدى لآلامه.
ليست كل القصص تستحق أن تُروى، لكن حين تروي مهى الحكاية، فهي تمنحها بُعدًا إنسانيًا نادرًا. وهنا أغنية "مأساة" ليست فقط عن الفراق والألم بل هي توثيق صادق للحظة انكسار، حتى عندما تهمس في منتصفها بلهجتها اللبنانية "أنا قلبي عم يوجعني" تفتح جرحًا قديمًا فينا ربما ظننا أننا تجاوزناه.
ورغم قسوة المشاعر نجد أنفسنا نضغط على زر إعادة الاستماع، وكأننا -نحن المستمعين- نحب تعذيب أنفسنا قليلًا، ما دمنا نجد من يوجعنا بهذا القدر من الفن والجمال وصدق الأداء.