أطلق مروان موسى ألبومه الجديد "ماتادور" نهاية الأسبوع الماضي، متضمنًا 10 تراكات فقط، بعد حوالي ثلاثة أشهر من طرح الألبوم الأطول في مسيرته "الرجل الذي فقد قلبه" الذي احتوى على 23 تراكًا، انقسمت بين خمس مراحل تعبيرية جسدت أطوار الحزن.
مروان موسى وبلطي سويا للمرة الأولى
لكن على عكس هذا الثقل العاطفي، يأتي "ماتادور" بطرح مختلف تمامًا يبدو فيه موسى وقد قرر تغيير موقعه داخل الحلبة من متأمل في أحزانه إلى لاعب مرن يتنقل بين الإيقاعات والتعاونات. وبينما يظل حرصه على التعاون مع فنانين من داخل المشهد المصري وخارجه أحد الثوابت في تجربته، فإن الطريقة التي صاغ بها تلك التعاونات هنا تبدو أكثر تحررًا وتجريبًا.
من أكثر التراكات لفتًا للانتباه في هذا الألبوم هو "فاكر بس ناسي" الذي جمعه للمرة الأولى بالرابر التونسي بلطي من إنتاج حاتم بس في توليفة موسيقية أعادت إحياء روح الآر- أند-بي الغائبة منذ زمن عن المشهد المصري، لكن بلمسة لاتينية تتناغم مع عنوان الألبوم وأجوائه. يبدأ موسى الأغنية بسلاسة وهو يتأمل مشاعره المتضاربة قبل أن يبدل الفلو ويقول:
"تحسب الوقت / مش تحسب سكور / هتحس بالوهم لو عشت في الدور".
وفي الخلفية يظهر صوت مصري خالص يردد موال "يا ليل يا عين" دون الإشارة إلى هوية صاحبه، لكن فيديو نشره المنتج حاتم بس عبر إنستغرام خلال ترويج الألبوم كُشف أن الصوت يعود للفنان أحمد سعد، ما أضفى على التراك ملمحًا مصريًا خالصًا.
أما بلطي فيدخل بنصيب غنائي مؤثر يرثي فيه تحولات شخصيته وتغيره بسبب صعوبات الحياة، ليأتي بعد ذلك الجزء الأبرز من التراك حين يفاجئنا بتقديم اللازمة الغنائية باللهجة المصرية، في تجربة تبدو الأولى من نوعها له، وتُظهر سلاسة لافتة في تأقلمه مع هذا اللون حين يقول:
" أنا عامل مش سامع بس راسي/ أنا كنت فاكر نفسي طيب وأنا آسي/ أنا كنت عامل نفسي فاكر وأنا ناسي/ أنا قلت كلمة بكذا معنى دا مجازي"
حكم أولي
يظل مروان موسى في تراك "فاكر بس ناسي" وفيا لما يحبه جمهوره من الغوص في أعماق المشاعر ومواجهة التناقضات الداخلية التي يعيشها جيل بأكمله، يأتي التراك كدليل جديد على قدرته على التعبير عن مثل هذه التعقيدات دون أن يفقد خيوطه الفنية المتماسكة.
الإنتاج الموسيقي في الأغنية لافت ومُبهر، يستلهم من موسيقى الآر أند بي الغائبة عن المشهد المصري منذ فترة ويكشف عن شغف موسى المستمر بالتجريب والتنوع، أما إدخال الموال في خلفية التراك فكان واحد من أجمل مفاجآته، حيث لم يضف فقط نكهة شرقية بل منح التعاون عمقًا مختلفًا وهو ما يجعل الأغنية قابلة لإعادة الاستماع أكثر من مرة، لا فقط للاستمتاع بالانتاج الموسيقي بل أيضًا لما تحمله من صدق.
ومن وجهة نظري فإن تحويل هذا التراك إلى فيديو كليب سيكون خطوة ذكية، خاصة لو صُور على شكل حوار بصري متوازي بينه وبين بلطي، يظهر كل منهما في بلده لكن يتقاطعان شعوريًا في الفكرة ذاتها، هذه المقاربة ستمنح الأغنية بعدًا بصريًا وإنسانيًا يعمق من أثرها.