أصدر مرتضى فتيتي قبل أيام أغنيته المنفردة الجديدة "مدينة" من كلماته وألحانه وإنتاج موسيقي لرامون، وذلك بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع فقط على طرح أغنيته السابقة "ماعلاباليش". لكنه هذه المرة قرر أن يغرد خارج السرب في عمل ينأى بنفسه عن موجة الإصدارات الصيفية المليئة بالفرح والمرح، ويأخذنا في رحلة حنين حزينة على أنغام الأفروبيت وكلمات نابعة من القلب.
مرتضى والحنين على إيقاع الأفروبيت
في "مدينة" اختار مرتضى أن يكون موضوع الأغنية عن الغربة وافتقاد الوطن، فيغني عن ذلك الحنين العميق لكل ما تركه خلفه: الصحبة والأصدقاء والأم التي تفيض الكلمات بالشوق إليها. تشعر وأنت تستمع إليها أنه يروي قصة شخصية، قد تكون حكاية أحد أحبائه أو تجربة عاشها بنفسه، اضطرّته إلى مغادرة بلاده بحثًا عن الرزق، وظل الوطن في قلبه حاضر لا يغيب فيغني: "في قلبي مازالو/ صحابي و أمالينا/ وشحال اللي كانو/ ناسي في المدينة".
تتكامل الصورة حين يوجه سلامًا في لازمة الأغنية، وكأنه يعلن عودته إلى حضن الوطن الذي افتقده طويلًا. استطاعت الموسيقى أن تجسد هذا الوجع، بدءًا من الوتريات والآهات التي تفتتح بها الأغنية، وصولًا إلى المزمار في نهايتها والذي بدا تعبيرًا صادقًا عن الفرح بالعودة.
أما الهوية البصرية التي أخرجها ياسين تبكا، فجاءت مُكملة لروح الأغنية، وكأننا أمام فيلم قصير عن شاب مغترب يعود إلى أمه وأصدقائه بعد فراق طويل ونراه يحتفل معهم وسط أجواء رقص وبهجة، بينما يظهر مرتضى في بعض المقاطع وهو يغني محاطا بفتيات بفساتين حمراء في إشارة بصرية قريبة من علم تونس.
تنتهي الأغنية بمشاهد زفاف أو عرس شعبي حيث يحتفل الجميع، وكأن العودة إلى الوطن مناسبة توازي عرسًا حقيقيًا.
حُكم أولي
ما يميز "مدينة" هو أنها أغنية تنقلك في رحلة شعورية متكاملة، ترصد ببساطة مشاعر المغترب: من الاضطرار إلى الغياب ثم الشوق فالعودة. تعكس الأغنية بوضوح التناغم بين صوت مرتضى والكلمات التي كتبها واللحن الذي وضعه لنفسه، إلى جانب التوزيع المميز من رامون.
"مدينة" هي قفزة نوعية تتميز بين جميع إصدارات مرتضى في السنوات الماضية، وقد عرف كيف يوظف الشجن في صوته في ثيمة تعكس روح الأصالة في موسيقى شمال أفريقيا ولكن بلمسات حداثية، فيُحسب له هذا القدر من الجرأة والصدق الفني في خضم هذا الزخم الموسيقي.