رحلة تامر حسني تتحرك كالسهم في اتجاه واحد فقط. لا استراحات لتأمل النجاحات، ولا وقت يضيع في التوقف طويلًا عند الخطوات المتعثرة.
بعد عام هادىء نسبيًا بمقاييس الفنان المعروف بنجم الجيل، عاد تامر حسني في 2025 بنشاط اشتهر به منذ بداية سطوع نجمه في الساحة الفنية قبل أكثر من عقدين. نشاط يبدو أن شعاره الأساسي "في الحركة بركة". فلا يهم ما يضرب وما يخيب، طالما أن الحركة كثيفة وغير منقطعة عبر السنوات. العام الحالي تحديدًا من مسيرة تامر هو مثال جديد ذلك.
منذ مطلع العام الجاري يشهد الفنان تامر حسني نشاطا فنيًا لافتًا على أكثر من صعيد، في السينما والتعاونات الغنائية والحفلات. ولربما شعرنا أكثر بكثافة نشاطه مؤخرًا، مع انشغاله خلال العام الماضي بإنهاء تصوير فيلمه السينمائي، وهو ما يستهلك شريحة هائلة من وقت أي فنان. أما في الأشهر الماضية، فتحول لـ "مكنة" محتوى وإصدارات!
الأمر الذي يبدو مختلفًا إلى حد ما في توليفة تأمر لهذا العام هو التنوع الكبير في المحتوى والتعاونات وحتى طرق الأداء، في خطوة شجاعة قد يكون الهدف منها كسر أي حالة ملل قد تصيب الجمهور من ظهوره المتكرر. تعرفوا معنا هنا على أبرز هذه التجارب فيما يلي.
في الاتحاد قوة
افتتح تامر حسني عامه الفني بديو غير متوقع جمعه بنجم آخر من نجوم البوب المصري، رامي صبري، في أغنية درامية عن البُعد والفراق، جاءت متناغمة تماما مع أجواء الشتاء ومزاجه الحزين.
ورغم امتلاك كل من تامر ورامي موهبة واضحة في التلحين، فضلا في هذه التجربة أن يكتفيا بالغناء، بينما أسندا الكلمات إلى عمرو تيام، واللحن إلى شادي حسن. فيما تولى تامر مهمة إخراج الكليب بنفسه.
شكّل التعاون خطوة جريئة، وقد جمع بين اسمين لهما ثقل في ساحة البوب، مع اختلاف واضح في أسلوب كل منهما؛ فتامر لطالما عُرف بحبه لخوض تجارب التعاونات، بينما يميل رامي صبري غالبًا إلى تقديم الأعمال المنفردة.
ورغم أن الأغنية لم تحقق النجاح الجماهيري المدوي المتوقع لها، لكنها كانت مع ذلك مجرد تحمية لعام تامر المليء بالتعاونات.
عودة للسينما مع "ريستارت"
كان آخر ظهور لتامر حسني على الشاشة الكبيرة من خلال فيلم "تاج" في عام 2023، وهو عمل تولى بنفسه تأليفه وإنتاجه، وجمع بين الفانتازيا والكوميديا. ورغم الطموح الذي حمله المشروع، إلا أنه تعرض لانتقادات عدة، خاصة على مستوى الحبكة والحوار.
وفي هذا المنعطف تبين أن واحدة من السمات التي تميز تامر كفنان هي انفتاحه على النقد وتقبله للرأي الآخر دون تحفظ. انعكس ذلك في قراره التالي، من خلال عودته بالفيلم الرومانسي الكوميدي "ريستارت"، برؤية مختلفة وسيناريو من تأليف أيمن بهجت قمر أحد أبرز كتاب الأفلام والشعراء الغنائيين في مصر.
منذ الإعلان عن بدء تصوير "ريستارت" العام الماضي، أبدى الجمهور حماسًا كبيرًا للعمل، لاسيما مع عودة هنا الزاهد لمشاركة تامر البطولة بعد نجاحهما في فيلم "بحبك" عام 2022، إلى جانب انضمام كل من باسم سمرة ومحمد ثروت غلى فريق العمل، ما زاد من الترقب رغم تأجيل موعد صدوره أكثر من مرة.
وللأغنية الترويجية التي سبقت عرض الفيلم، اختار تامر حسني تقديم تعاون غنائي من نجم الأغنية الشعبية رضا البحراوي، بعنوان "المقص" من كلماته وألحانه وتوزيع عمرو الخضري. ويُعد هذا العمل أول تعاون يجمع الاسمين، لكنه الأغنية الشعبية ليست مساحة غريبة على تامر الذي سبق وأن خاض تجربة مشابهة في أغنية 100 وش عام 2018، والتي جمعته بكل من أحمد شيبة دياب ومصطفى حجاج وحققت حينها انتشارًا واسعًا حينها.
لكن ورغم أن "المقص" تستحضر روح الأغنية الشعبية، إلا أنها لم تُحدث نفس الضجة التي أحدثتها 100 وش. ربما يعود ذلك إلى ارتباطها بأحداث فيلم "ريستارت"، مما يجعلها جزءًا من السياق الدرامي أكثر من كونها أغنية مستقلة تستهدف النجاح الجماهيري بشكل مستقل.
تامر حسني وخطوات باتجاه الفنانين الشباب
لكن واحدة من أكثر مفاجآت هذا العام لجمهور تامر، كانت تعاونه غير المتوقع مع الفنان الشاب الشامي في ديو "ملكة جمال الكون". حيث كان الشامي، نجم غلاف بيلبورد عربية لشهر يناير، قد كشف لنا عبر مقابلة الغلاف عن وجود صلة قرابة تجمعه بتامر حسني من جانب والدته. ويبدو أن مصادفة اكتشاف هذه القرابة شكلت شرارة البداية لهذا التعاون.
غنى الفنانان كلماتهما المشتركة وألحان الشامي، وسمعنا تامر يجرب الغناء باللهجة الشامية إلى جانب لهجته المصرية للمرة الأولى على الإطلاق في مسيرته. كما أخرج فيديو كليب الأغنية الذي صُور في لبنان.
الأغنية حققت ملايين المشاهدات خلال يومين فقط من طرحها، وتبدو مرشحة لدخول قوائم بيلبورد عربية في الأسابيع القادمة، إذ جاء الإصدار مليئًا بالحيوية والطاقة، رغم اختلاف الخلفيات الفنية والأجيال. خصوصًا وأن الشامي نجح في جذب تامر إلى منطقته الإيقاعية، حيث قدما معا أغنية دبكة تحمل طابعًا رومانسيًا.
نشاط حفلات غير منقطع
كذلك، أعلن تامر في الفترة نفسها عن ديو جديد يجمعه بفنان المهرجانات كزبرة بعنوان "قلودة". ورغم أن الأغنية لم تصدر رسميًا بعد إلا أن الجمهور سمعها بشكل حي للمرة الأولى في حفل "ريدبُل جوك بوكس" الذي أقيم لأول مرة في مصر في 23 مايو الماضي مما زاد من حماسة المتابعين وترقبهم للإصدار الكامل.
"ريدبُل جوك بوكس" شكل محطة مميزة هذا العام لتامر حسني على نحو خاص، حيث استعرض الحفل الجماهيري أبرز هيتات مسيرته بتوزيعات موسيقية متنووعة، واستضاف نجومًا مفاجئين مثل حميد الشاعري والممثلة نيللي كريم التي غنت إلى جانبه.
ويواصل تامر جدول حفلاته المكثف حيث يستعد لإحياء حفل منتظر في كوكاكولا أرينا بدبي يوم 31 مايو بمشاركة الشامي، كما سيصحب الشامي معه إلى مصر ليغني هناك للمرة الأولى في حفل مشترك ثاني. كما يترقب جمهوره في الكويت حفله المقبل هناك يوم 13 يونيو، والذي يُعد أيضا لقاء خاصًا يجمعه لأول مرة على خشبة المسرح مع النجم تامر عاشور.
كل هذا النشاط مبهر حقًا. مجرد تتبعه أمر مرهق، فكيف بصناعته! لكنه قد يطرح بعض التساؤلات حول رؤية نجم الجيل. المؤكد أن تامر يدرك أنه من غير المعقول أن تتحول كل هذه المشاريع الفنية إلى هيتات، فهل استراتيجيته هي إغراق السوق بصوته وحضوره بعض النظر عن الهيت القادم أو الفائت؟ أم أنه يرى أن التنوع في المحتوى ومشاركة نجوم آخرين كفيل بالحفاظ على شعلة الحماس؟