شكل صوت رشيد طه علامة فارقة في الموسيقى المغاربية بقدرته على إعادة إحياء الأغاني القديمة وتحويلها إلى مشاريع موسيقية متكاملة. لم تكن مجرد استعادة في أغنية "يا رايح"، بل مثالًا حيًا على هذا الأسلوب. الأصل يعود إلى دحمان الحراشي الذي قدمها سنة 1973، وكانت من أبرز الأعمال في الشعبي الجزائري، قبل أن يحييها رشيد طه في التسعينات ويصل بها إلى جمهور أوسع بعد أدائه الأسطوري في حفل 1,2,3 Soleil.
قدّم رشيد طه الكوفرات على مدى مسيرته ليس فقط كغناء للأغاني القديمة، بل كرسالة ثقافية واجتماعية. في ألبومه "ديوان" عام 1998، أعاد تقديم أغنية "يا بني إنسان" لفرقة ناس الغيوان، و"يالمنفي" قصيدة من القرن التاسع عشر تحكي عن مأساة المقاومين الجزائريين بعد نفيهم، مع الحفاظ على الجوهر العاطفي والسياسي للأغاني. وتحولت هذه الأعمال إلى جسر يربطه بوطنه الأم من جهة، ويقوي علاقة المهاجرين بثقافتهم من جهة أخرى.
لم يقتصر مشروعه على الاستعادة التقليدية، بل تميز بالابتكار. مزج الشعبي بالبانك والروك والإلكترونيك، مضيفًا طبقات جديدة من الصوت القوي والصخب الموسيقي، دون أن يفقد الأغاني روحها الأصلية.
تجربته مع فرقة "Carte de Séjour" في الثمانينات كانت نقطة انطلاق لفهمه العميق للشعبي والتمرد الموسيقي. تحولت نسخة الفرقة من أغنية شارل ترينيه "Douce France" من أغنية حنين لفرنسا إلى نشيد احتجاجي للمهاجرين، استخدم فيها صوته الخشن وإيقاعات تشبه الآلات الوترية المغاربية.
حتى في ألبوماته اللاحقة مثل "Made in Medina"، و"ديوان"، حافظ على التجريب بصوت الشعبي، مضيفًا الروك والإلكترونيك والفانك، ما جعل الموسيقى التي قدمها عالميّة وقريبة من أجيال مختلفة، مع احترام دقيق لتراثه الموسيقي. كما لعبت الحفلات الحية دورًا كبيرًا في إحياء الأعمال، حيث تفاعل الجمهور مع المزج بين الشعبي والروك والبانك بطريقة لم تكن ممكنة في التسجيلات الاستوديو فقط.
تابعوا المزيد من التفاصيل في الفيديو أعلاه..