العديد من اللقاءات الموسيقية التي نتمناها بين نجوم العالم العربي لم تحدث… بعد، لكنها تثير شهية الخيال وتدفعنا للتساؤل: أي سحر قد يولد حين تتقاطع هذه العوالم الفنية المختلفة؟
تخيلنا ديوهات تجمع أصواتًا من مدارس وأساليب مختلفة، لتخلق مزيجًا فنيًا قد يغير ملامح المشهد. من أساطير التسعينيات إلى نجوم الجيل الجديد، ومن الإيقاعات الشرقية إلى اللمسات العالمية، جمع لكم فريقنا قائمة بعدد من التعاونات غنائية نتمنى أن نسمعها يومًا.
الدافع الرئيسي وراء هذا الموضوع هو موجة التعاونات التي شهدتها ساحة الموسيقى العربية هذا الصيف، والتي كان من بينها أغاني وجدت طريقها إلى قمة قوائم بيلبورد عربية، مثل "كيفك ع فراقي؟" لفضل شاكر ونجله محمد، و "خطية" لبيسان اسماعيل وفؤاد جنيد، و "ملكة جمال الكون" للشامي وتامر حسني، و "خطفوني" التي شاركت في أدائها جنا عمرو دياب.
اختيارات محمود عرابي
عمرو دياب ومروان بابلو

بالرغم من أن عمرو دياب حين يلجأ لتطعيمات هيب هوب في أغانيه يذهب في توجهات أكثر سرعة من روقان مروان بابلو، أعتقد أن حب كليهما للتجديد والتطور قد يقودهما لنفس الطريق. إذا حدث ذلك ستكون النتيجة غير متوقعة، لكنها مدهشة بالتأكيد. فمثلًا في حالة تامر حسني وكريم أسامة والوايلي، وبالرغم من اختلاط الأدوار الموسيقية بين جنرات كل من المشاركين، ظلت النتيجة في حيز ما يمكن تخيله. لكن في حالة عمرو دياب وبابلو لا يستطيع أحد أن يتنبأ بماذا سيحدث.
عبدالمجيد عبدالله وعايض

إلى جانب عذوبة الصوتين، دائمًا ما نرى عبدالمجيد عبدالله يحاول التجديد في موسيقاه مثلما رأينا استخدامه للموسيقى الإلكترونية والألحان غير متوقعة في ألبوم "عالم موازي" وما تلاه من الأغاني. كذلك نرى عايض يطور في الموسيقى الخليجية ويختار تعاوناته بحكمة، والدليل على ذلك نجاح أغاني مثل "عالم العشاق" مع خالد المظفر، و "طاري الزعل" مع أصيل هميم وغيرهم.
سيكون مثيرًا للإهتمام أن نرى كلًا منهما يمثل جيله، وإما يأخذ عبدالمجيد عايض في اتجاه طربي كلاسيكي، أو يذهب معه في اتجاه شبابي مُجدد، في كلتا الحالتين سيكون تعاونًا لا ينسى.
اختيارات هلا مصطفى
مروان خوري وآمال ماهر

يبرع مروان خوري في الكتابة والتلحين للشخصيات والأصوات النسائية. قدّم عبر رحلته شراكات أثرت بعمق في الموسيقى العربية مع نجمات مثل إليسا وكارول سماحة وغيرهن. وكان واضحًا في تجاربه كملحن جمعه بين تأثره الكبير بالموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب منذ بداياته، وبين شغفه بالتوزيعات الغربية الكلاسيكية.
أما آمال ماهر، فهي من أكثر الأصوات جديةً في المشهد الموسيقي في يومنا هذا. تمتلك قدرات ومساحات يصعب ترويضها وحصرها في ألحان تقليدية، حتى أننا نشعر في كثير من الأحيان أن صوتها أكبر من الأغاني التي تُعرض عليها، فنجدها تلمع أكثر في الأداءات الحية حين تستعيد روائع من سبقوها من مبدعين. كل ذلك، يثير فضولنا حول إمكانية ما قد يقدمه الاسمان سويًا إن اجتمعا في عمل، ويا حبّذا لو كان باللهجة اللبنانية.
إليانا وهيفاء وهبي

حين يتعلق الأمر بالموسيقى التي تتطلب الاستعراض والأداء المسرحي والدلع، فجيل زد لديه إليانا، فيما جيل الألفية وجد ضالته في هيفاء وهبي. فلماذا لا تلتقي الأجيال في تجربة تجمع الإيقاعات الشرقية بتوزيعات عصرية؟
الجدير بالذكر أن التعاونات الفنية في مسيرة هيفاء كانت نادرة حتى السنوات القليلة الماضية، حيث اجتمعت مع أكرم حسني في أغنية "لو كنت" التي سرعان ما تحولت إلى هيت. ثم سمعناها الشهر الماضي في ديو لأول مرة مع بوسي في الأغنية الرسمية لفيلم "أحمد وأحمد". ولا شك أننا نحتاج إلى سماع المزيد من التعاونات النسائية التي تكاد تكون نادرة في الأغنية العربية.
مؤيد النفيعي ومروان موسى

لربما كان التراك الذي اجتمع فيه مؤيد النفيعي والسينابيتك قبل سنوات واحدًا من تراكاتي المفضلة في الراب، لمدى انسيابيته وحيويته. أما مروان موسى، فيزدهر في العمل الجماعي، واشترك في الأداء مع العديد من الأسماء في السين المصري ليحقق معهم هيتات حفظها الملايين، وعلى رأسهم عفروتو. فلماذا لا يجتمع النفيعي وموسى في تجربة واحدة؟
يشترك الاسمان في امتلاك شخصية فنية لا تمانع المرح والحيوية، لكنها تنطوي كذلك على شيء من الجدية أو المرارة تحت السطح. ونشعر أن قد نسمع شيئًا من الكوميديا السوداء في حال تشاركا في تراك واحد. بل وحتى يمكننا توقع مشاهدة فيديو كليب خارج عن المألوف، وقد كان لكل منهما في مشهده تجارب بصرية ممتعة.
اختيارات نورهان أبو زيد
محمد منير ولطيفة

في إحدى حفلات محمد منير بدار الأوبرا المصرية عام 2008 شاركته الفنانة لطيفة المسرح، في مشهد اعتدنا رؤيته من منير الذي كثيرًا ما يرحب بمشاركة أصدقائه الغناء على خشبة المسرح. يومها قدما معًا أغنية "تحت الياسمينة"، وهي في الأصل من روائع الفنان التونسي الهادي الجويني. لا يزال التناغم بين صوتيهما عالقًا في ذاكرتي منذ تلك اللحظة، ومن وقتها، تمنيت أن يجمعهما ديو جديد مستوحى من التراث التونسي يعيد منير إحياءه بأسلوبه الخاص وتؤديه لطيفة بلغتها الأم.
إليسا ووائل كفوري

لطالما جمعت بين إليسا ووائل كفوري صداقة قريبة، وشهدت فترة من الزمن على تشاركهما المسرح أكثر من مرة في أداء مشترك لأغنية "عمري كلو". صوتان يفيض كل منهما بالإحساس يتقاطعان في صدق الأداء حتى في أكثر الأغاني حزنًا ودرامية.
ورغم أن كلًا منهما اشتهر بالأغنيات الرومانسية، ظلت في مخيلتي صورة مختلفة لما يمكن أن يجمعهما: عمل درامي بصيغة العتاب يحمل وجع المشاعر المتناقضة التي يُجيدان التعبير عنها ببراعة. ليست هذه مجرد أمنية عابرة، بل إيمان بأن اجتماع صوتيهما في أغنية درامية محملة بالأسى أو العتاب سيولِّد لحظة استثنائية مختلفة عما قدماه من قبل.

أنغام وتامر عاشور
تربط أنغام وتامر عاشور علاقة فنية وإنسانية متينة، وقد شهد المسرح أكثر من لحظة مميزة جمعتهما كان أبرزها أدائهما لأغنية "لوحة باهتة" في أكثر من حفل، والتي كشفت عن مدى الانسجام بينهما. أنغام لطالما عبرت عن إعجابها بموهبة تامر، واصفة إياه بالملحن الاستثنائي، وهو تقدير لا يبدو مجاملة بقدر ما هو اعتراف من فنانة تعرف جيدًا قيمة اللحن الصادق.
ورغم هذا التفاهم الفني الواضح، لم يلتقِ صوتهما حتى الآن في ديو غنائي يجمعهما، وكأن القدر يؤجل هذا اللقاء لصالح لحظة أكثر نضجًا أو أغنية تحمل خصوصية تليق بهما معًا.
أؤمن أن اجتماع أنغام وتامر في ديو سيكون لحظة فارقة، لا فقط لما يملكه كل منهما من إحساس عالي وخبرة فنية، بل لأن بينهما كيمياء خاصة تتجلى حتى في اللقاءات العابرة. وإذا ما تحقق هذا اللقاء الفني فأتمنى أن يكون الشاعر نادر عبدالله - الذي تربطه صداقة وطيدة بكل منهما- هو من ينسج كلماته، ليضيف سطرًا جديدًا في سجله المضيء مع نجمين لطالما قدم معهما أعمالًا لا تُنسى.
اختيارات عمر بقبوق
عمرو دياب ومروان خوري

لم يُغنِّ عمرو دياب طوال مسيرته إلا باللهجة المصرية، لكن إذ كسر هذه القاعدة وغنّى باللهجة الشامية، فإن التعاون الأنسب والأكثر إثارة للاهتمام سيكون مع مروان خوري. كلمات مروان خوري وألحانه من الممكن أن نتخيل مدى انسجامها مع صوت الهضبة، وقد تكون التجربة أجمل إن تشاركا الغناء.
اختيارات مها النبوي
ويجز ومنال

أمامنا اثنان من الفنانين الذين يمزجون بين الهيب هوب والبوب والأفرو. هكذا، لن يبدو التعاون بين ويجز ومنال مفتعلًا، بل حتميًّا. تخيل إيقاع أفرو جذابًا ترافقه نغمة "بيزلاين" نابضة بالحياة، حيث يتولى ويجز قيادة المقاطع بطريقته المتدفقة والمتمهلة وغير المتوقعة، بينما يأتي "هوك" منال المخملي ليحول التراك إلى حوار ناعم من أخذ وردّ بين الفنانيْن. عندها، سيبدو التنقل بين اللهجات طبيعيًا، مثل حوار بين مدينتين.
إل غراندو طوطو وللّا فضه

أتخيل نفسي أمام ثنائي نابض بالحيوية والثقة -نغمة "بيزلاين" عميقة ترج المسرح، ومعها بيتات حادة مثل السكاكين. سيتبادلان البارات بقرة، مباراة بين ندَّين متكافئين، ثم يجتمعان معًا في "هوك" رنَّان مثل النشيد، مشحون بالبلاغة وقادر على أن يعلق بالأذهان.
اختيارات يوسف علي
سمول إكس وأبيوسف

أستمع لتراك "Dikec#1" لسمول إكس مرة على الأقل يوميًا منذ صدوره، ولا يغيب عن بالي البيف المغربي الجزائري في عام 2021، أو ذروة البيفات في مشهد الهيب هوب المصري عام 2016، وبيف مروان موسى وأبيوسف في عامي 2021 و2022. في تلك البيفات يتجلى عمق الكلمات، والتقاط التفاصيل، وقوة القوافي، والإحالات البصرية، والاستعارات، مع الاهتمام بالإنتاج الموسيقي وخلق جو سردي للدِس تراك. لذلك أفكر في هذا المزيج: أبيوسف بأسلوبه الساخر و"البانش لاينز" المستمدة من عالم الثقافة الشعبية والإعلانات، وقافية سمول إكس المتقنة وتعبيراته التي تدخلنا في عالم داكن درامي.
عندما سمعت "لاموني"، الديو الذي تعاون فيه سمول إكس مع ويجز، أحببته، لكني لم أشعر أن الأول أخذ مساحته، وتمنيت أن أراه مرة أخرى متعاونًا مع رابر مصري.
الشامي وديستانكت

سيجمع هذا الديو بين نمطين موسيقيين لهما وقع مميز على الأذن. أتخيل اللحن المغاربي وهو يعانق وقع الدبكة العنيف ليحفزا أشكالًا جديدة ومبتكرة في الرقص والاستعراض. كذلك فصوت الشامي يتمتع بمسحة من الصلابة، ويمكن وضعه في طبقات عالية تقابل الأسلوب الغنائي المُنغم لديستانكت. أفضِّل ألا يخرج التعاون في كلماته عن مواضيعهما العاطفية التي تميزا بها في الأعوام الماضية، لا سيما لو كان الحدث محور الأغنية عُرسًا مثلًا. وبالطبع أن يقدم في فيديو كليب. هذا التعاون سينعكس بوضوح على القوائم، ومنها قائمة بيلبورد، حيث يحتل الشامي الآن المركز الخامس، وديستانكت المركز 14 في قائمة أفضل 100 فنان.