من شوارع الإسكندرية إلى قمة مشهد السين، لم يكن اسم ويجز مجرد عابر؛ بل تحوّل إلى ظاهرة فنية غيّرت شكل اللعبة. فعل ذلك عبر تراكات راب صرف، وعبر تجارب ضمن ألوان موسيقية فرعية، شملت المهرجانات، والأفروبوب، والبوب، إلى جانب تجارب رائجة في التراب الشعبي.
بعد مرور ثمانية سنوات على انطلاقة مسيرته، أعلن ويجز خلال الأيام الماضية أن ألبومه الطويل الأول أصبح جاهزًا، وأنه سيصدر كاملًا في 29 أغسطس الحالي. الإعلان الذي طال انتظاره، حفزنا لنعود ونتذكر أغانينا المفضلة مما قدّمه ويجز عبر السنوات.
دوجو - مع دي جي توتي
واحدة من الإصدارات الذهبية التجريبية لويجز، التي ستحافظ عبر السنوات على جمهورها الخاص، وأنا في مقدمتهم. صنع ويجز هنا مع دي جي توتي واحدة من أعنف وصلات التجريب التي تجمع بين الأداء شديد الحدة من رابر الورديان والدابستيب قوي البايس. ميزة التراك أنه يعطي مساحة للموسيقى بعكس المعتاد في تراكات الهيب هوب المعتمدة على الموسيقى الراقصة، كما أنه لا يكرر البارات بل يبتكر في كل مقطع فيرسات جديدة. وبالتأكيد البار المفضل من الأغنية بالنسبة لي هو "واقف على قمة برج خليفة بالشمروخ". *من اختيارات يوسف علي
لقطة
يقدم ويجز هنا التبجح بلغة المناطق الشعبية، فيختار هوك البداية بجملة "مش هتسعنا"، في إشارة لقانون الشارع، الذي يتزعمه دومًا شخص واحد، ولا تقبل المنافسة فيه القسمة على إثنين.
يترك ويجز مساحة بينه وبين منافسيه عن طريق كارت الطبقية، معرفًا نفسه كمكافح حقيقي أمام مزيفين يدعون ما هم ليسوا عليه، مستعملًا بارات تقليلية رنانة مثل "سيبلي عيشة هصلا وجيب العفش وجيب النيش" و"استأذن ماما في جوز ميتينات / سيشن الديس يمكن ترضى".
يتوج التراك الإنتاج الموسيقي لوزة منتصر الذي صنع لحن تراب شعبي مركزًا على الدرامز الغليظة والسنير، ومنوعًا في تقطيع إيقاع الصقفات بالمقدمة لإضفاء عنصر الواقعية والإيحاء بالتصفيق الحي. *من اختيارات يوسف علي
ويجز - متواليش
من التراكات التي أراها مظلومة في مسيرة ويجز هي "متواليش" والذي صدر عام 2019. ورغم أنه لم يحصد نفس الضجة التي حققتها بعض الأعمال الأخرى في الفترة نفسها إلا أنه من وجهة نظري تراك عميق مليء بالرسائل الواضحة والمبطنة.
العنوان وحده كافي ليكشف نبرة التمرد التي يتسم بها ويجز، فهو يرفض الانصياع لأي اتجاه أو موجة سواء كانت ترند مؤقت، أو نمط موسيقي محدد - كما تصلح أيضًا لعدم انضمامه لـ "شلة" أو مجموعة أفراد بعينهم. في "متواليش" يقدم نفسه كفنان حر لا يتبع أحدًا. يغرد خارج السرب دائمًا ويمتلك القدرة على التعبير عن ذاته بأساليب مختلفة لا تشبه سواه.
الكلمات تعكس نضجًا مبكرًا في نظرته للعلاقات، حيث يواجه من خذلوه بطعنات غير متوقعة، ويتعامل مع هذا الغدر بصوت مليء بالقوة والتحدي، مُعيدا صياغة نظرته للحياة كخشبة مسرح حيث يتحرك الجميع كدمى. هنا لا يتحدث ويجز فقط عن ألم شخصي بل يقدم رؤية فلسفية مغلفة بغلاف راب جريء وصريح. *من اختيارات نورهان أبو زيد
ويجز - تنكر
أعتبر شخصيًا أن "تكر" هو واحد من أبرز ما قدمه ويجز هذا العام إذ يجمع بين عمق الطرح وثقة الأداء ويعكس مرحلة جديدة من النضج الفني والشخصي. على مستوى الكلمات يمتلئ التراك بعبارات تعكس الأنا والفخر مثل: "مش ناوي احتك بكله / ناس وناس" إلى جانب تأكيده المستمر على ترفعه عن الجري وراء الماديات "مش شاغلاني الماديات عشان دي شكليات".
ويبدو أن ويجز بعد أن حقق بعضًا من أحلامه ووصل إلى موقع متقدم في المشهد، بات أكثر راحة في التعبير عن هذه النجاحات من خلال فنه. من وجهة نظره لا يزال يتربع على القمة بلا منافس ولا يتردد في استفزاز أقرانه بسطور مثل: "لو ده الفاينال بتاعكوا / نفسي أشوف الديمو / شباب مدرسة برايفت / ليه عاملين من الجيتو".
فنيًا قدم التراك تنوعًا ملحوظًا في الفلوهات. أما الفيديو كليب فجاء بمثابة لوحة بصرية متقنة ظهر فيها ويجز كبطل شعبي لا يزال يملك القدرة على التفوق مدفوعًا بقوة شخصيته وأصالته. *من اختيارات نورهان أبو زيد
حتتك بتتك
في "حتتك بتتك" يأخذنا ويجز إلى مساحة أثقل موسيقيًا وأكثر قتامة في مسيرته. الكلمات هنا حادة ومباشرة، تنبني على صور الشارع والتحدي، وتنعكس على طريقة أدائه البارد والصوت الجاف بدون أوتوتيون واضح. ما يجعل هذه الأغنية قريبة إلينا هو أنها تكشف جانبًا آخر من عالم ويجز: جانب متمرد لا يبحث عن الرضا، بل عن الصدام. تكتمل هذه الملامح مع إنتاج داعور الذي بنى التراك على طبول إلكترونية غليظة وألحان متكررة، مدعمة بضربات 808 والكيكس الثقيلة. بهذا الأسلوب خلق أرضية صوتية مشحونة بالتوتر، تسمح لتدفق ويجز أن يتمايز ببرودته، وتحوّل اللازمة "بريحهم جاي ناوي الشر" إلى محور رئيسي يعزز كثافة وثقل التراك. *من اختيارات نور عزالدين
الدنيا أيه
أطلق ويجز تراك "الدنيا إيه" بعد خوضه تجارب غنائية متنوعة في أغاني مثل "البخت" و"أميرة"، حيث عاد عبره إلى أصوله في الراب. الأغنية من إنتاج دراغانوف، وتُعد بمثابة رده الحاد على الرابرز الذين شنّوا هجومات عليه خلال فترة غيابه، مثل مروان موسى ومروان بابلو وآخرين.
في هذا التراك، يعكس ويجز مشاعر التحفّظ والثقة المتفجرة صوتيًا، في انتقاله من التجارب الغنائية إلى أسلوب تراب كثيف التفاصيل. تأتي موسيقى الإنتاج المظلم والصاخب غنية بالعناصر الإلكترونية والبايس القوي، مما يعزز من طابع المواجهة الغنائية التي يتبنّاها في كلماته، لتجسّد استعادة لمساحة وهوية قوية في المشهد. *من اختيارات عمر بقبوق
على راحتي
إن كانت "دورك جي" هي المحطة الفاصلة التي قطعت الشك باليقين، وأوصلت الرسالة حول أصالة مشروع ويجز الفني، فقد كنت شخصيًا قد توصلت لهذا الاستنتاج قبلها بعام حين صدر الألبوم القصير "جزيرة البطل".
وضح هذا المشروع القصير عبر لمحات خاطفة، التطور المتسارع الذي يختبره الرابر الشاب، والذي كان من أول يوم له وحتى يومنا هذا، يعمل على تطوير أدواته بشغف كبير. بدأت الفلوهات التي يكتبها تصبح انسيابية أكثر، وأصبح معجم مفرداته أكثر تنوعًا، فيما بدا كخبير موسيقي يتنقل بين الجنرات الفرعية دونما اهتمام.
"ممشي الكل على راحتي/ على كفوفي وعلى راحتي" منذ أن خرج ويجز بهذا التصريح في تراك "على راحتي"، بدا فعلًا وكأنه يصنع الفن باسترخاء كبير، مستسلمًا للرؤية الأوسع، فهو على حد تعبيره "لو مش فاهم مبشرحش". برأيي الشخصي، ومنذ أن غنّى ويجز "على راحتي"، لم تخب له أية ضربة بعد ذلك. *من اختيارات هلا مصطفى