في السنوات الماضية، غابت سيرين عن الساحة الغنائية لانشغالها بأعمال البطولة في مسلسلات مثل "الهيبة" و"النسيان" و"العين بالعين". والمؤكد أنها منذ بدايتها، كانت تركز على هويتها الفنية كممثلة أولًا. ثم عادت قبل عام بأغنية "هزهزه"، التي حملت تأثيرات المهرجانات في الكيبورد والإيقاع مع الحفاظ على لمسة البوب، وانضمت لهذه الموجة التي غزت المشهد.
ورغم اعتقاد الجميع أن هذه كانت عودتها، إلا أنها غابت مرة أخرى لمدة عام، لتعود اليوم بإصدار جديد بعنوان "عاملّن عقدة". كتب الأغنية الشاعر منير بو عساف الذي سبق وتعاون معها في أغنية "عليك عيوني" من ألبومها عام 2006، لتغني هذه المرة باللهجة اللبنانية، في محاولة للاستفادة من اللهجة التي لطالما ناسبتها في أعمالها السابقة مثل "العيون العسلية" و"إذا بدك ياني". فتمحورت الأغنية حول خطاب القوة والثقة بالنفس.
الكليب قبل الأغنية
عُرفت سيرين عبد النور خلال مسيرتها الغنائية بتركيزها على تقديم نغمة واضحة وإيقاع جذاب. كما عملت دائمًا على توظيف مهاراتها التمثيلية في الكليبات، التي أصبحت بعض مشاهدها لحظات أيقونية في مسيرتها وفي مشهد البوب بشكل عام.
أما فيديو كليب الأغنية الجديدة، فأخرجه جو بو عيد، والمعروف بتعاونه مع عدد من الأسماء البارزة في المشهد منذ عام 2008، وتقديمه كليبات لفنانين مثل فارس كرم وميريام فارس ويارا وغيرهم الكثير. في "عاملن عقدة" قدّم سيرين في سلسلة من المشاهد ذات الطابع الاستعراضي الذي يناسب شخصيتها، لكن الفكرة العاملة هذه المرة كانت أقل إقناعًا.
استندت المشاهد إلى صور بصرية مستهلكة لا تضيف شيئًا جديدًا إلى الأغنية، أبرزها مشهد غسل ونشر الملابس، العنصر الذي بات مألوفًا جدًا في الكليبات اللبنانية والعربية، وقد قدّمته جميع الفنانات منذ بدايات الألفينات. ورغم جودة التنفيذ التقني من حيث الإضاءة وزوايا التصوير، ومشاركة الممثل السوري يزن السيد بالتمثيل، إلا أن الرؤية البصرية بقيت بلا فكرة واضحة أو سرد يُمكن البناء عليه.
حكم أولي
سار اللحن الذي وضعه هشام بولس على وتيرة واحدة تقريبًا، وبدأ من نقطة واضحة من دون أن يتحرك دراميًا أو يبني متعة سمعية. لا وجود لجملة لحنية تتكرر بقوة لتُصبح نقطة تمركز في الأغنية، ولا انتقالات لافتة ما ترك اللحن مسطحًا نسبيًا، يواكب النص ولا يتجاوزه.
أما التوزيع الذي نفّذه باسم رزق، فاعتمد على طبقة إلكترونية خفيفة وإيقاع منتظم يحاكي البوب الشرقي، لكنه لم يضف شخصية واضحة للأغنية. جاء استخدام الكيبورد والتأثيرات نمطيًا، بلا كسر للروتين الإيقاعي أو لحظة تفاجئ المستمع. كل ذلك جعل الأغنية سهلة السماع ولكن سريعة الزوال من الذاكرة. وبينما أظهرت سيرين تحكمًا جيدًا في صوتها مع التنقل السلس بين الطبقات، لكن الأداء جاء تقليديًا، يفتقر إلى الجرأة والانفعالية التي كانت لتُضفي عمقًا أكبر على الأغنية.
ولكن، إن وضعنا العمق والجدية والرؤية الموسيقية على جنب، ونظرنا إليها كمجرد أغنية صيفية جذّابة، فحتى بهذه المعايير تمر الأغنية مرور الكرام، ومن الصعب أن نتخيلها تعلق في أذن المستمع، خاصة وسط صيف زاخر بالإصدارات الموسيقية والألبومات الطويلة والمنافسة العالية في مختلف مشاهد الأغنية العربية.