لربما كانت بيسان إسماعيل من الفنانين القلائل الذين نكرر الكتابة عنهم ضمن زاوية "مع أم ضد؟"، إذ تسببت معظم تجاربها الغنائية الأخيرة بانقسام الآراء، ليس فقط بين الجمهور، بل بين أفراد فريق بيلبورد عربية حتى.
ورغم كل تقلب آرائنا، إلا أن آخر أغنيتين لها "علاش" و"خطية"، حققتا أرقام استماع مبهرة، والأخيرة تحديدًا نجحت في تصدر قائمة بيلبورد عربية الرئيسية هوت 100 طوال 6 أسابيع، ومازالت اليوم حاضرة في المراتب العشرة الأولى، لتزيد هذه الإنجازات من اهتمامنا بتجربتها، التي يصبح من الصعب تجاهلها حين تحصد متابعة واهتمام الملايين في العالم العربي، سواء كانوا من جمهورها أو منتقديها.
أما بعد الاستماع لأحدث أغانيها "متل الأميرة" منذ صدورها ليلة أمس، فتشكل لدينا رأيان حولها:
عمر بقبوق / ضد
رغم أن أغنية "مثل الأميرة" تكشف عن رغبة بيسان إسماعيل في كسر النمطية والانتقال إلى مساحة رومانسية أكثر نعومة، إلا أن المغامرة لم تأتِ بنجاح كامل، كما كان منتظرًا. فاعتمادها مجددًا على التعاون مع الأسماء ذاتها؛ أمجد جمعة وفؤاد جنيد، جعل التجربة تبدو أقل مغامرة مما توحي به، بل أشبه بمحاولة لإعادة تدوير فريق النجاح في سياق جديد لم يخدم الأغنية بالقدر الكافي.
قدم لها فؤاد جنيد قدم لحنًا متواضعًا لا يرتقي إلى مستوى الرهافة التي حاولت بيسان أن تبرزها في أدائها، وجاء التوزيع الموسيقي باهتًا بعض الشيء، إذ لم يتمكن من تحقيق الانسجام المطلوب مع طبقة صوت بيسان. النتيجة أن الأغنية بدت في بعض لحظاتها تائهة، وكأنها لم تجد القالب الموسيقي الذي يسمح لها بالتألق الكامل.
أما الكليب، ففيه تكمن المشكلة الحقيقية. هو عبارة عن محاولة لاستحضار أجواء الباروك في قالب رومانسي أقرب للعصر الفيكتوري، نجح جزئيًا عبر الأزياء الفخمة التي منحت بيسان مظهر "الأميرة". لكن ما إن يرفع المشاهد عينيه عن الفستان حتى يجد نفسه أمام مشهد آخر تمامًا: فمكان التصوير هو ليس قصر باروكي ولا استوديو يحاكي العمارة القوطية، بل فيلا حديثة فيها مسبح! والنتيجة أن الفارس على حصانه بدا وكأنه ضلّ طريقه من السيرك إلى شارع الفيلات.
ويمكن أن نقول أن الكليب كان حلم رومانسي اصطدم بالواقع اللوجستي؛ هو بالنية والتفكير كان جميلًا، لكن التنفيذ حوّل الأجواء التاريخية إلى مشهد هزلي ساخر يحطم رومانسية الأغنية.
هلا مصطفى / مع
لربما كانت بيسان إسماعيل من أكثر الفنانين -أو مشاهير السوشال ميديا- ممن يقابلون الانتقادات والهجوم بالصمت. سواء أحببت أغانيها أم كرهتها، تترك بيسان انطباعًا بعدم الاكتراث، وكأنها ترغب أن تمنح نفسها المساحة لتجرب بعيدًا عن درود الفعل التي تتلقّاها.. ولا خطأ في التجربة.
ما يضعف تجربة بيسان حتى الآن هو إصرارها على خوضها مع أسماء ما زالت هي كذلك قيد الإعداد، وأقصد هنا أمجد جمعة في الكلمات وفؤاد جنيد في الموسيقى، فللمرة الثانية على التوالي - بعد علاش- يمنحها فؤاد جنيد لحنًا وتوزيعات فضفاضة، دون جمل نغمية انسيابية. لكن من ناحية أخرى، كتب لها أمجد جمعة كلمات رومانسية تناسب شخصيتها، وقد نجح هذه المرة في جعل الجمل تبدو أكثر تماسكًا ومشهدية، فكانت العنصر الذي استندت إليه لتصوغ أسلوب أدائها للأغنية.
بعد عدة استماعات شعرت أنني فضلت بيسان في هذه التجربة أكثر من "علاش" و"خطية"، وأن هذه المساحة الرومانسية البسيطة ناسبت صوتها أكثر، أو أنها على الأقل جعلتها تتحدى نفسها لتغني بأسلوب مختلف.
*مع أم ضد زاوية خاصة، يختار فيها نقاد من فريق بيلبورد عربية إصدارًا انقسمت آراؤهم حوله، بين من أحبه ومن لم يقتنع به، ليحلله كل منهم حسب رأيه الخاص، لأن الفن فيه جانب ذاتي، يتأثر بالذائقة الشخصية، ولا يمكن الإجماع عليه.