تاكي ومحمود ومايكي، ثلاثة شباب من الإسكندرية جمعتهم الدراسة الجامعية وحُب الراب. بدأ الثلاثي رحلتهم أواخر عام 1999 في تجمع لمحبي الراب بمنطقة ستانلي، حيث كانوا يؤدون تجارب لأغاني راب بالإنجليزية والفرنسية، لكنها لم تخرج عن نطاق مجتمع الراب السكندري الضيق.
بعد فترة تفتق ذهن تاكي لكتابة أغاني راب باللهجة المصرية، واقترح على محمود ومايكي تأسيس فرقة تقدم هذا اللون، واقترح أن تُعبر الأغاني عن شخصياتهم وتفاصيل حياتهم فقط فكانت البداية بأغنية "أنا اسمي مايكي".
كواليس تسجيل الأغنية لم تخلُ من المفارقات الطريفة التي تعكس شغف البدايات، حيث جاء مايكي بالكمبيوتر والميكسر، أما تاكي فجاء بالكيبورد، وسجلوا الأغنية في استوديو لـ دي جي يدعى أسلم.
مزيكا تلخبط مخك!
بعدها قرر الثلاثي إرسال الأغنية إلى أصدقائهم عبر منتديات الإنترنت، وفي فترة وجيزة انتشرت بين كل المهتمين بالراب، دون أن يكون للفريق اسم يُعرف به.
يحكي "تاكي" في فيلم وثائقي من إنتاج ALTV: "في الأول قلنا نسمي نفسنا ABC. كان اسم ملوش معنى، بس قعدنا نفكر وقلنا نسميها MTM وده ليه معنيين، الأول هي حروف أسامينا، بس المعنى التاني والأهم إنها حروف بتعبر عن شعارنا (مزيكا تلخبط مخك) بس كنا بنكتبها بالفرانكو أراب".
كان لابد من مواجهة الجمهور لتحقيق شهرة حقيقية على أرض الواقع، فاقترح الأصدقاء على الفريق إحياء حفلات في كافيهات ونوادي الاسكندرية، وبالفعل أحيوا حفلًا في نادي سبورتنج مجانًا، وبعدها قدموا حفلًا في أحد الكافيهات مقابل 75 جنيها فقط. إلا أن هذه الحفلات كانت سببًا في نزوحهم غربًا نحو حفلات مجتمع الساحل الشمالي، التي كانت سببًا في وصول شهرتهم إلى متعهدي الحفلات الكبرى في القاهرة.
نقطة التحول في مسيرة الفريق حدثت مطلع عام 2002 عندما عرّفهم أحد متعهدي الحفلات على المخرج هادي الباجوري، الذي كان يُخطط لتقديم مواهب جديدة في مجال الغناء. وبالفعل كان قد وجد ضالته في فرقة "واما" وبدأ تحضيرات ألبومهم الأول، ولكن بمجرد أن استمع لأغنية "أمي مسافرة" اقتنع على الفور بأن هذه التجربة ستنجح بسبب اختلافها الواضح، إلا أنه اشترط أن يجهزوا أغاني الألبوم أولًا وسيتولى هو تسويقها وتوزيعها وإخراجها.
القاهرة بوابة الشهرة دائمًا
دخل الفريق استوديوهات الصوت وسجلوا 4 أغنيات، وخلال هذه الفترة عرَّفهم مهندس الصوت أحمد خوجه على المنتج ياسر حسنين صاحب شركة "كلمة"، الذي تعاقد معهم على ثلاثة ألبومات في عقد احتكار طويل المدة.
في عام 2003 صدر ألبوم "أمي مسافرة"، الذي يُعد "رسميًا" أول ألبوم راب مصري. وضم الألبوم 8 أغنيات أشهرها "كل ليلة بسهر"، و"اركن على جنب"، و"احسبها صح"، و"أي كلام". وذاع صيتهم بمجرد عرض أغنية "أمي مسافرة" عبر قنوات الفيديو كليب.
في أقل من شهر تحول فريق MTM إلى ظاهرة فنية تكتب عنها الصحافة وتجري وراءهم قنوات التليفزيون. بل أصبحوا رمزًا يعبر عن جيل الألفية بتسريحات شعره "السبايكي" وملابسة "الكاجوال"، والأهم أن كلمات أغانيهم عبّرت بجرأة ومباشرة عن حياة الشباب بعيدًا عن الغناء الرومانسي السائد وقتها. ناقشوا صراع الأباء والأمهات مع أبنائهم، غنوا عن يوميات الشباب المصري ببساطة، تحدثوا عن الصداقة ومفهومها، تناولوا العلاقات العاطفية بلغة سهلة مباشرة خالية من الرومانسية المفتعلة، وعبروا عن نظرة هذا الجيل الحائرة تجاه مستقبله.
في العام التالي مباشرة أصدر الفريق ألبومهم الثاني "تليفوني بيرن" وحقق نجاحًا واضحًا، وتعاونوا خلاله مع الموزع تميم القيال الذي قدم لهم أشكالًا موسيقية متطورة. وواصل الفريق تقديم أغنيات تتحدث عن واقع الشباب مثل "زي ما أنت عايز"، و"ملكش فيها"، و" خلينا أصحاب"، و"دي مناظر".
ثمن الإحتكار.. فنان ليلًا وموظف نهارًا!
بعد هذا الألبوم بدأت الخلافات التعاقدية تسيطر على علاقتهم بشركة الإنتاج، خاصة وأن المُنتج كان يحصل على النسبة الأكبر من أجر حفلاتهم، بالإضافة إلى ضعف أجرهم عن الألبومات، والذي لم يتناسب مع نجاح الفريق ومبيعاته.
يحكي مايكي عن هذا الخلاف في الفيلم الوثائقي الذي يحمل اسم الفريق قائلًا: "اتخرجنا من الجامعة وكان لازم نشتغل ويبقى معانا فلوس. مكنتش بعرف أصرف على نفسي علشان الأجر ضعيف أوي، فاشتغلت في شركة، ومحمود اشتغل في بنك ومبقيناش مركزين أوي مع الغناء".
عامًا بعد الآخر تفكك الفريق، حيث هاجر محمود إلى الدنمارك واستقر هناك، بينما ابتعد مايكي عن ساحة الغناء وتفرغ لعمله الخاص، أما تاكي فسعى بكل قوة لإيجاد صيغة مع المُنتج ليستمر الفريق، حتى قدم مع محمد عدوية أغنية "مدرسة الحياة"، التي قال في تصريحات سابقة إنه كتب كلماتها وغناها كرسالة لصديقيه محمود ومايكي كي يعودا لاستكمال مسيرة الفرقة.
مقاومة الزمن والطريق إلى النهاية
مع انتشار السوشال ميديا حاول تاكي ومايكي إطلاق بعض الأغنيات، وتعاونا مع بعض المنصات التي سعت لإعادة تقديم الفريق بشكله الثنائي الجديد، إلى أن قدما في عام 2018 أغنية فيلم "هروب اضطراري" لأحمد السقا. بعدها أحيا الثنائي حفلًا في مهرجان الصيف الدولى الغنائي بالاسكندرية وأعلنا خلاله عن عودة الفريق رسميًا.
في ذلك العام، شارك الفريق في عدة تعاونات مثل أغنية "كائن فضائي" التي صدرت في ألبوم "الألبوم" لفريق مسار إجباري، كما شاركا أبو الليف في أغنية "خلاويص"، علاوة على أغنية "نفس المعاد" مع سارة المنذر، بجانب عدة أغاني منفردة لم تحقق حضورًا واضحًا.
في عام 2020 أصدر MTM بشكله الجديد ألبومه الأخير بعنوان "أرجوك متفصلنيش"، لكن الألبوم بدا وكأنه قادم من زمن آخر، وكأنه يعبر عن المدرسة القديمة في الراب (الأولد سكول)، في حين كانت تجارب الراب المصرية تشهد تطورًا كبيرًا وظهرت أصوات أصغر سنًا، وأقرب لجيل المستمعين، بل وأسست لمدرسة جديدة تسيدت الساحة.
استمر الفريق في طرح أغنيات منفردة لتاكي ومايكي كل على حدة بجانب تعاونات مشتركة أبرزها "قبل ما أمشي" مع فريق مسار إجباري، والتي للمفارقة بدت وكأنها إعلان رحيل أو اعتزال، وهو ماحدث رسميًا في يناير 2023 عندما نشرت الصفحة الرسمية لـ MTM الخبر من كلمة واحدة فقط هي "النهاية"، لتعلن انتهاء رحلة واحدة من أبرز الفرق الغنائية العربية بعد رحلة متقطعة استمرت20 عامًا.