غادر إل غراندي طوطو المغرب متوجهًا إلى فرنسا، وصرّح فور وصوله أنه اضطر إلى ترك البلاد، وذلك بعد تقديم شكوى قانونية ضده إثر حفله في مدينة القنيطرة يوم 25 أغسطس / آب 2025.
الشكوى القانونية بسبب الحفل
هذا وقد قدمت جمعية مدنية تُدعى "ربيع السينما" شكوى رسمية إلى وزارة العدل المغربية، تتهم طوطو بـ"الإخلال بالحياء العام" خلال حفله في القنيطرة، وطالبت النيابة العامة بـ"التدخل الفوري وتفعيل المقتضيات القانونية ذات الصلة".
كما عزّزت شكواها بالإشارة إلى أن أداءه تضمن لغة جريئة وتصرفات وصفتها على حد قولها بأنها تجاوزت حدود المقبول في الأماكن العامة وبحضور قاصرين. كما رفعت الجمعية أيضًا تظلم إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بحسب الصحافة المغربية، طالبت فيه بمنع الرابر من استخدام الفضاءات العمومية حمايةً لحقوق القاصرين.
واتخذت الجمعية المادة 483 من القانون الجنائي المغربي، التي تُجرّم الأفعال المخلة بالحياء في الأماكن العامة، كمرجعية لها في دعواها. وتنص المادة على أن من يرتكب هذا الإخلال "يعاقب بالسجن من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من 120 إلى 500 درهم".
مغادرة طوطو البلاد
بعد تقديم الشكوى ضده، نشر إل غراندي طوطو ستوري على إنستغرام في 2 سبتمبر / أيلول تحدث فيها عن الدعوى القانونية، موضحًا أن الجمعية تقدمت بها ضده وضد منظمي المهرجان، ومعبرًا عن استغرابه من هذا الإجراء ومؤكدًا أن الهجوم غير مبرر، خاصة وأن الحفل كان ناجحًا بالنسبة إليه.
وبعد يومين، أعلن طوطو عن مغادرته المغرب متجهًا إلى باريس. على الرغم من أن بعض المتابعين أشاروا إلى أن المغادرة كانت مرتبطة بجدول حفلاته، حيث كان من المقرر أن يحيي حفلات في 5 و7 سبتمبر / أيلول في باريس وديجون، إلا أن طوطو نفسه أوضح أن السبب الرئيسي هو الدعوى القانونية، وشارك صورة لطفله مع تعليق: "لن أسامحكم على إجباري على الهروب من بيتي قبل أن أرى أسنان ابني تنبت".
الدعاوى القانونية السابقة ضد الغراندي طوطو
ليست هذه المرة الأولى التي يواجه فيها طوطو إجراءات قانونية بسبب اللغة الصريحة أو التصرفات المثيرة للجدل خلال عروضه. ففي يوليو / تموز 2025، تلقت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (HACA) شكاوى ضد البث العام للقناة الثانية 2M، بسبب عرض أداء طوطو في مهرجان موازين.
وقد بلغ عدد الشكاوى أكثر من 190 شكوى، تم تقديمها بين 2 و7 يوليو / تموز 2025. اعتبر المشتكون أن الحفل تضمن ألفاظًا وإيماءات استفزازية، وأن أداء الرابر يشكل تهديدًا للسلامة الأخلاقية ولنفسية للجمهور خاصة فئة الشباب.
وخلال الحفل، ارتدى طوطو قميصًا عليه كلمة "Salgoat"، مع إدراج نجمة العلم المغربي في التصميم. وهذه الكلمة كانت عنوان أحد ألبوماته التي صدرت في 2024، واختارها الفنان ردًا على تصريحات سابقة لرئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران.
في قرارها، أكدت الهيئة أنها ليست مسؤولة عن مراقبة الإبداع والتعبير الفني للفنانين، ولا تتدخل في الخيارات التحريرية للقنوات. ومع ذلك، أشارت إلى أن القناة لم تحرص على ضمانة البث بسبب عدم وضعها شارة تحذيرية +18، رغم أن الحفل بُث بعد الساعة 11 ليلاً. وبناءً على ذلك، قررت حفظ الشكاوى، مع توجيه تذكير للقناة بضرورة الالتزام بمبادئ الخدمة العمومية للإعلام.
حرية التعبير الفني وجدل الجماهير
رغم الجدل القانوني الكبير المثار حول إل غراندي طوطو، فإن حفله في القنيطرة كان ناجحًا على المستوى الجماهيري، حيث حضره عدد كبير من الجمهور واستمتعوا بالعرض والطاقة العالية للفنان.
كما أن أداءه في مهرجان موازين منحَه منصة واسعة للتواصل مع جمهور أكبر داخل المغرب وخارجه، خاصةً كونه أول رابر مغاربي يصعد على خشبة مسرح السويسي. وقد عبّر طوطو في حديث خاص مع بيلبورد عربية عن فخره بالمشاركة التي اعتبرها إنجاز هام في مسيرته.
إلا أن الهجوم القانوني والإعلامي عليه يطرح تساؤلات حول حدود حرية التعبير الفني في المغرب، خصوصًا عندما يتعلق الأمر باللغة الصريحة والجريئة، والتي تشكل جزءًا من ثقافة الهيب هوب التي ينتمي إليها. فبينما يرى الجمهور الشبابي ومحبو الموسيقى أن الرابر يعبر عن نفسه بحرية ويعكس واقعهم واحتياجاتهم الثقافية، تعتبر بعض الجمعيات المدنية والمهاجمين أن بعض التصرفات تتجاوز حدود المقبول في الفضاءات العامة.
هذا التوتر بين حرية الفنان في التعبير وحساسية المجتمع والقوانين يظهر بوضوح في حالة إل غراندي طوطو، ويطرح تساؤلات مهمة حول كيفية إيجاد توازن بين حرية الفنان واهتمامات المجتمع وقيمه الثقافية، بحيث يُمكن للفنانين التعبير بحرية مع مراعاة السياق الاجتماعي.