أطلقت منال أغنيتها الجديدة "كارتا روج" بعد غياب عام عن الإصدارات الفردية منذ ألبومها الأخير والطويل "قلب عربي مجروح"، الذي تزامن مع ولادة مولودتها الأولى، وتبعتها إجازة أمومة قضتها متفرغةً لابنتها.
ورغم الغياب، شاركت في تعاون مع باياديس وشاو في أغنية "نغامر"، التي حازت مكانًا ضمن قائمتي أعلى 50 مغاربي وأعلى 50 هيب هوب، كما ظهرت على غلاف بيلبورد عربية لشهر مارس / آذار 2025، بعد أن حصدت العام الماضي جائزة أفضل فنانة عن فئة الأغنية المغاربية.
لكنها لم تصدر أي عمل فردي، ما يجعل "كارتا روج" عودة قوية لترسيخ حضورها واستعادة صوتها ومساحتها في المشهد المغربي.
تطوير صوت الراي
كان ألبوم "قلب عربي مجروح" قد قدم صوتًا نسائيًا صريحًا ومباشرًا في المشهد الموسيقي المغربي والعربي. صوّرت في أغانٍ مثل "موراك" و"كباريه" تجارب متعددة للمرأة، من الغضب والحيرة إلى الحب والانفتاح العاطفي، ومنحت المستمعين رؤية متنوعة عن حياتها اليومية وصراعاتها الداخلية.
أبدعت في أغنية "مهبولة" بإعادة تقديم الرأي التسعيناتي بأسلوب معاصر، مستخدمة الأوتوتيون ببراعة لإبراز صوتها، وأدخلت جمل كيبورد حالمة منحت الأغنية بعد أثيري وازن.
وقد صرّحت في مقابلة الغلاف عن صوت الراي قائلة: "أريد أن آخذ الراي إلى مستوى آخر، لأنه بالنسبة لي لون موسيقي مميز، وأعتقد أنه يمكن أن يكون مثيرًا، وربما من الممكن جعله أكثر عصريًا".
لذا جمعت منال كل هذه التجارب الموسيقية والتجديدات في أغنيتها الجديدة "كارتا روج"، التي تحمل تأثيرات الراي ضمن رؤيتها الموسيقية المستقلة والعصرية.
"كارت روج": رسالة عن القوة الشخصية
حملت "كارتا روج" في كلماتها رسالة واضحة عن الخيانة والقوة الشخصية والصمود. ركزت على مواجهة من يحتفلون بألمهم بصمت، وأكدت عزيمتها على المضي قدمًا مهما كانت التحديات. استلهمت العنوان من كرة القدم، حيث ترمز البطاقة الحمراء إلى من تجاوز حدود الثقة، ما يعني نهاية الفرص والتسامح. حملت الأغنية أيضًا روح التحرر من السلبية، لتشجع على مواجهة الصعوبات وتحقيق الطموحات، مع الحرية في متابعة مسارها الفني دون أي قيود.
في الفيديو كليب، تعاونت منال مرة جديدة مع المخرج فريد المالكي لتقدم تجربة بصرية غنية ومكثفة. برز اللون الأحمر بشكل لافت، سواء في الخلفيات أو في مشاهد منال وهي تمشي على السجاد المزركش بالأحمر، كما حافظت على الهوية المغربية من خلال الألوان واللمسات التقليدية.
حكم أولي
تعكس "كارتا روج" قدرة منال على تجديد الراي دون التفريط في جوهره، إذ تمزج الإيقاعات الإلكترونية الخفيفة مع الطبقات الميلانكولية للصوت لتوسيع مساحة التعبير داخل الجنرا. يظهر صوتها هنا كأداة لإعلان حرية شخصية واضحة، محمّلًا بطاقة عاطفية تجمع بين الحزن والصلابة، ما يمنح الأغنية حس داخلي متماسك يستند إلى روح الراي ويعيد تشكيلها في آن واحد.
تندرج الأغنية ضمن موجة التجديد التي يشهدها الراي بين المغرب والجزائر، موجة بدأت تترك أثرًا متزايدًا في المشهد المغاربي عبر إعادة تقديم هذا اللون بآفاق جديدة.
ما تقوم به منال في هذا العمل لا يقتصر على محاكاة هذا الاتجاه، بل يذهب إلى بلورة مقاربة خاصة بها عبر إيقاعات مطوّرة واشتغال دقيق على التفاصيل الصوتية، لتمنح الأغنية هويتها المستقلة داخل حركة التجديد الأوسع.






