هل يرث أبناء الفنانين النجومية أم الأعباء؟ الإجابة هي مزيج بين هذا وذاك!
أعادت مجموعة من التعاونات المفاجئة بين اثنين من أبرز فناني البوب في العالم العربي وأبنائهم فتح باب الحديث حول العائلات الموسيقية في المنطقة، وتحديداً حول تأثير الآباء في مسيرة الجيل الثاني من الأسرة.
ففي الأسبوع الماضي، طرح عمرو دياب ألبومه "ابتدينا" الذي شارك فيه ابنه عبد الله بأغنية "يلا" وابنته جنا في الأغنية الافتتاحية "خطفوني". بعدها بأيام، قدم فضل شاكر أغنيته المنفردة الجديدة "كيفك ع فراقي" بمشاركة ابنه محمد.
هل تمنح شهرة الآباء ميزة تنافسية غير عادلة لأبناءهم؟ أم أن تلك الشهرة تلقي بظلال سلبية على الأبناء فينتهي بهم المطاف في في دائرة ضيقة من المقارنات التي قد تثقل كاهلهم وتجعل من الصعب عليهم التحرر من ظل آبائهم؟
من المؤكد أن التعاونات "العائلية" وإسم الأب الكبير تمنح دفعة قوية لإطلاق مسيرة الأبناء في البداية، كخطوة أولى للظهور والوصول إلى جمهور أوسع. التحدي الحقيقي يبدأ لاحقاً، عندما يحاول الأبناء الخروج من عباءة الأسرة لتحقيق نجاحات فردية.
من الرحابنة إلى أنغام وأصالة
شهدنا على مدار العقود الماضية نتائج متفاوتة. في لبنان، شكل زياد الرحباني شكّل حالة فنية استثنائية تجاوز فيها حدود الإرث الرحباني وتمرد حتى على صورة والدته فيروز. أنغام أثبتت موهبة تفوقت على والدها الملحن محمد علي سليمان. نجاح أصالة بدأ من عائلتها الفنية وتحديدًا من والدها الملحن مصطفى نصري الذي اكتشفها، لتتابع لاحقًا مسيرتها بعد وفاته وتقدم صوتها الخاص.
لكن كل هؤلاء كانوا أبناء جيل مختلف كانت المنافسة فيه محصورة والفرص محدودة والمقارنة أبطأ وأكثر إنصافًا.
أما أبناء اليوم فهم يواجهون واقعًا مختلفًا، ألغت فيه السوشيال ميديا ألغت المسافات بين الجمهور والفنان وجعلت من كل خطوة مادة للنقاش والتقييم. على سبيل المثال، أبناء عاصي الحلاني يتمتعون بموهبة واضحة، فلا يقل صوت الوليد الحلاني عن أي نجم من أبناء جيله، لكن ظلال والده عاصي لا تزال تلاحقه. ورغم محاولاته لمراكمة نجاحاته إلا أن تجربته تبقى محصورة في إطار المقارنة.
تحدي مضاعف لأبناء الهضبة
التحدي مضاعف لأبناء عمرو دياب. فهم من ناحية أبناء الهضبة أيقونة البوب العربي لعقود، وفي الوقت نفسه يميلون إلى الغناء باللغة الإنجليزية مما يجعل اندماجهم في الساحة العربية محدودًا، وهذا يفرض عليهم إثبات أنفسهم على مستوى عالمي أو العودة إلى الجذور لصياغة هوية فنية أوضح.
أما محمد فضل شاكر فيحمل إرث والده الثقيل ويحاول استثماره في وقت يعيش فيه فضل متواريًا بسبب ظروف سياسية وأمنية. حاول محمد شق طريقه منفرداً أثناء غياب والده، لكن شريحة كبيرة من الجمهور العربي تعرفت عليه مع ارتباطه بمحاولات تبرئة ساحة فضل والديو الأخير. هذا يعني صعوبة انفصاله عن صورة والده ما لم يقدم هوية فنية مستقلة تضعه على مسار مختلف.
في المحصلة تبقى الموهبة شرط أساسي لكنها وحدها لا تكفي. فأبناء الفنانين بحاجة إلى شجاعة مضاعفة لتحويل الاسم العائلي من مظلة واقية إلى منصة انطلاق. الرهان الحقيقي هو على من ينجح في صياغة هوية فنية أصيلة تنطلق من الإرث لكنها لا تتوقف عنده.