تبدو حياة النجومية للبعض عالمًا ساحرًا، حيث لا مكان للحزن ولا للخذلان، لكن خلف هذه الصورة اللامعة، ثمة واقعٌ أكثر تعقيدًا يعيشه الفنانون يوميًا؛ واقع تحكمه التوقّعات القاسية والتقييمات والانتقادات المستمرة، فضلًا عن تعاملهم مع الظروف والحياة الشخصية.
في مجتمعات لا تزال تنظر أحيانًا إلى الاضطرابات النفسية كمحظورات، قرر عدد من الفنانين كسر الصمت، ومشاركة تجاربهم الشخصية مع الاكتئاب بشجاعة لافتة. بعضهم تكلّم على المنصات، وبعضهم ناجى جمهوره بأغانيه، وآخرون كتبوا أو بكوا، لكنهم جميعًا منحوا من حولهم رسالة واحدة: الاكتئاب ليس عيبًا.
بمناسبة شهر التوعية بالصحة النفسية، نسلّط الضوء على شهادات مؤثرة لفنانين لم يخجلوا من ضعفهم، بل حوّلوه إلى مصدر قوة.
أصالة: قرار التخلّي عن الأدوية
بصراحتها المعهودة، تحدثت أصالة في بودكاست "بيغ تايم" عن لجوئها إلى خمسة أنواع مختلفة من أدوية الاكتئاب. في روايتها، لم يكن الدواء خلاصًا بل عبئًا آخر، جسديًا ونفسيًا: "الأدوية أعدمتني العافية... صار عندي أوجاع قوية بظهري ومعدتي". شعرت أنها فقدت نفسها لدرجة أنها رأت نفسها يومًا على الشاشة "بتغمز بعينها" من غير وعي في أحد المقابلات، بسبب تأثير الدواء.
وبعد تفاقم الوضع، روت أصالة كيف قررت في لحظة وعي أن تتخلّى عن أدوية الاكتئاب دفعة واحدة، رغم عدم إفصاحها حتى لأقرب الناس إليها، حتى ابنتها الطبيبة شام الذهبي، عن معاناتها.
أنغام: في مواجهة "البرود" العاطفي
تحدث أنغام مرارًا عن معركتها مع الانطفاء الداخلي ومقاومة الاكتئاب. وفي لقاء مع الإعلامية وفاء الكيلاني، كشفت عن خمس سنوات من تناولها المنتظم لأدوية الاكتئاب التي سلبتها الشعور والطاقة، قبل أن تصحى فجأة للحقيقة: "أنا أقوى من كدة، ما ينفعش أبقى عايشة رهينة دوا. دوا الاكتئاب ما بخليكيش سعيدة أبدًا على فكرة. بيخليكي متبنجة".
كاظم الساهر: "من قال لا يبكي الرجال"
في تصريح جريء، فتح مغني "من قال لا يبكي الرجال" قلبه ليوضح أن البكاء والعلاج ليسا ضعفًا. في برنامج "صباح الخير يا عرب"، اعترف كاظم الساهر أنه عانى من اكتئاب حاد خلال جائحة كورونا، وبعدما فقد أقرب المقربين منه. لم يتردد في اللجوء إلى مختصين نفسيين، مؤكدًا أن إيمانه ساعده على النجاة من تجربته الصعبة.
رابح صقر: "أنتم دوائي"
بعد خضوعه لعمليات في القلب، لم يُخف رابح صقر معاناته النفسية وكتب على تويتر: "أنا أمر باكتئاب شديد وهذا أمر طبيعي بعد العمليات". لكنه عاد وشارك جمهوره لحظة النهوض من هذه المحنة، قائلاً: "أنا الآن في وضع صحي أحسن ولله الحمد وتركت علاجات الاكتئاب.. طلعتوني من جو الكآبة الله يسعدكم"، ومعه أرفق فيديو له من داخل الصالة الرياضية، منح به جمهوره رسائل أمل قوية.
شيرين عبد الوهاب: بداية جديدة ملهمة
اعتلت شيرين أحد المسارح في أبو ظبي، بعد أن حلقت شعرها بالكامل، وأعلنت: "لما بتعب، بقص شعري... المرة دي كان قاسي شوية الموضوع، فعلى قدّو شلت شعري".
ورغم أن النجمة مرت بمرحلة صعبة من حياتها، ترافقت مع انفصالها عن زوجها السابق حسام حبيب، إلا أنها سرعان ما نفضت غبار هذه التجربة الصعبة عنها، وعلى مسرح قرطاج قبّلت يد طبيبها النفسي، شاكرة دعمه في رحلة تعافيها. وجودها على المسرح كان انتصارًا على الحملة التي ركزت على حياتها الشخصية بشكل سلبي، وعلى وصمة المتاعب النفسية.
إليسا: "أنتم لستم وحدكم"
من خلال أغانيها وكلماتها الصريحة، لطالما استخدمت إليسا تأثيرها للحديث عن المشاعر الثقيلة، لكنها خاطبت جمهورها مباشرة أيضًا في مناسبات عدة ودون خجل، لتقول: «رحت طبيب نفسي لأقول للجمهور "أنتوا منكن لحالكن". وفي وثائقي It’s Ok الذي تناول قصة حياتها على نتفليكس، أعادت أليسا وصف تجربتها مع الاكتئاب والأدوية المعالجة، وأكّدت أن تجربتها في الحب، المرض، والخذلان لم تكن إلا دروسًا صقلتها.
الشامي: حتى الكلمات تتعبنا
رغم طاقته الإيجابية المعتادة، كشف الفنان الشاب الشامي في لقائه مع بيلبورد عربية عن المتاعب النفسية التي عاشها بسبب تعليقات الجمهور الظالمة، قائلاً إن ذلك قاده إلى انهيار عصبي. ومع ذلك، يظل الفنان الشاب حريصًا على التواصل مع جمهوره الوفي بشكل دائم عبر السوشال ميديا.