أطلق رامي جمال قبل أيام أغنية "قفل الكلام" من كلمات عليم و ألحان مصطفى الشعيبي وتوزيع محمد ياسر، وذلك بعد نحو شهر فقط من طرحه لأغنية منفردة بعنوان "مرتاح كده" تخطت المليوني مشاهدة على يوتيوب. وقد رافق "قفل الكلام" إصدار آخر بعنوان "مالها الدنيا" تتقاطع معها في المزاج العام والحالة النفسية، إلا أننا قررنا بعد عدة استماعات أن نخص بالذكر "قفل الكلام" لما فيها من مشاعر أكثر وضوحًا وحدّة.
حين يتحول الفراق إلى قناعة
في "قفل الكلام" يختار رامي جمال أن يخوض غمار موضوع درامي بامتياز وهو نهاية الحب. الأغنية تنسجم تمامًا مع أجواء الخريف والشتاء حيث التقلبات المناخية والتي تشبه إلى حد كبير اضطرابات المشاعر بعد الفراق.
منذ السطر الأول يعلن البطل نهاية العلاقة بإيجاز حاسم قائلًا: "قفل الكلام/ وقفلني منه وصنفه كله بشكل عام"، وكأن خيبة العلاقة كانت كافية لإغلاق الباب تمامًا، ليس فقط على هذا الشخص بل على فكرة الحب بأكملها. رد الفعل العام هذا بعد التجربة الفردية يشير إلى حالة الاستنزاف العاطفي التي يمر بها كثيرون بعد علاقات مُرهقة، حيث تتسلل مشاعر فقدان الثقة وتتشكل ما يشبه "العُقدة" التي يصعب تجاوزها سريعًا.
تتابع الكلمات التصعيد حين نصل إلى جملة: "وبدأت أحس شعور غريب في الانتقام"، وكأنه انتقل من حالة الجرح العميق، إلى الرغبة بالانتقام والتلذذ بها في دلالة على الاضطراب والتغير الذي طرأ على الشخص بعد التجربة. هنا لا يُصور رامي نفسه كضحية بقدر ما يرسم ملامح إنسان مُنهك يحاول مواجهة ذاته بصدق.
لحن الأغنية وتوزيعها جاءا متناغمين مع مضمون النص: هادئان وشرقيان خاليان من التهويل. اعتمد التوزيع على الوتريات في الخلفية والفواصل ليمنح الأغنية طابعًا رصينًا، فيما أتى الأداء الصوتي متزنًا بلا صراخ أو انكسار وكأن رامي يغني من موقع متصالح لا منهار فهو لا يحزن بل يشرح. هذا التوازن منح العمل نضجًا عاطفيًا واضحًا فالفراق هنا ليس نوبة انفعال بل قرار محسوب.
حكم أولي
لطالما تألق رامي جمال في الأغنيات الدرامية منذ بداياته سواء كمطرب أو ملحن، وفي "قفل الكلام" يواصل هذا التميز. الأغنية لا تقدم جديدًا من حيث الشكل الموسيقي لكنها تُحسن توظيف أدواتها ببساطة وفاعلية. لا مبالغات في الأداء ولا تجارب موسيقية مغامرة بل طرح شعوري صادق، يتخذ شكل فقرة قصيرة من كتاب اعترافات عاطفية.
رغم صدق الأغنية في أسلوب التعبير والأداء، إلا أنه كان يمكن لها أن تكتسب بُعدًا جديدًا مع وجود عنصر بصري مكمّل. خاصة وأن رامي ابتعد في الآونة الأخيرة عن تصوير الفيديو كليبات مكتفيًا إما بجلسات تصوير مع كلمات الأغنية، أو بفيديوهات بتقنية الذكاء الاصطناعي، التي لا تخدم الأغنيات ذات الطابع الإنساني العميق.
صحيح أن الكليبات لم تعد الأداة الترويجية الأولى للأغنيات، إلا أن الجمهور ما زال بحاجة من وقت لآخر لرؤية النجم الذي يُعبر عنهم، ولمتابعة هوية بصرية تُترجم تلك الأحاسيس التي تنبع من النص واللحن.