قد يبدو السؤال مفاجئًا للوهلة الأولى، لكن مصطفى قمر نفسه يؤكد أن بعض أهم فرق الإندي العربية خرجت من "عباءته الموسيقية". فهل يمكن أن يكون الرومانسي صاحب "سكة العاشقين" أحد مصادر الإلهام لمشهد موسيقي طالما عُدّ بديلًا ومتمردًا؟
في أحدث لقاءاته مع أحد برامج البودكاست صرح مصطفى قمر أن فرقة مسار إجباري تأثرت ببعض أعماله، مستشهدًا بما أخبره به عضو الفرقة وعازف الجيتار محمود صيام، الذي أشار إلى تأثير أغاني، مثل "جحا" و"نامت المدينة" و"البيانولا"، لما حملته تلك الأغاني من تجريب موسيقي غير مألوف في وقتها سواء على صعيد الكلمات أو الألحان، وما انطوت عليه من لمسات تجديد واضحة.
وأضاف قمر أن أحد أعضاء فرقة كايروكي أكد له الأمر ذاته، موضحًا أن الفرقة تأثرت بموسيقاه أيضًا خصوصًا وأنه كان يضع لمساته اللحنية على العديد من أغنياته.
مصطفى قمر معه بعض الحق
وبالنظر إلى خلفية مصطفى قمر ومسار إجباري، فإن التشابه في المسارات الفنية يجعل من هذا التأثير أمرًا منطقيًا. فكلا الطرفين انطلق من مدينة الإسكندرية، التي لطالما ألهمت الفنانين، كما يشترك الاثنان في حب إعادة تقديم الأغنيات القديمة بروح معاصرة. فقدمت فرقة مسار إجباري أغنية "أنا هويت" لسيد درويش بأسلوبها الخاص، في حين سبق لقمر أن قدم أغنية "بنلف" لوردة وبليغ حمدي بتوزيع جديد طبعها في الذاكرة بصوته وأسلوبه المميز.
كما يتقاطع الطرفان في ميلهما إلى الخروج عن المألوف حتى في الأغاني العاطفية، ورغم أن الطابع العاطفي-التجاري يهيمن على مسيرة مصطفى قمر الغنائية، إلا أنه لم يغفل الغناء لمدينته، فقد قدم أكثر من عمل عن الإسكندرية والبحر، وهو ما فعلته مسار إجباري مؤخرًا في أغنيتها "كورنيش" التي جاءت بروح مشابهة.
وإذا أمعنا الاستماع في أغاني مصطفى قمر، رغم الفارق الزمني واختلاف الظروف الإنتاجية، سنجد أن موسيقاه تحمل بالفعل لمحات تجريبية مبكرة، قد تكون ألهمت الفرق المستقلة لاحقًا، ومنها مسار إجباري، ولكن بصورة أكثر تطورًا مع مرور الوقت.
مصطفى قمر والنوستالجيا
وخلال اللقاء استعاد مصطفى قمر ذكريات بداياته مع الموسيقى وانتقاله إلى القاهرة وسرد حكاية أغنية "عودة" الشهيرة التي قدمها حميد الشاعري، كاشفًا أنها آلت إلى حميد بعد أن خسر أمامه في لعبة "كوتشينة".
كما تحدث عن أول فيديو كليب صوره مع المخرج شكري أبو عميرة وهي أغنية "يا أبو جلابية طوبي" الذي كان تصويره خارجيًا في شوارع القاهرة. ومن بعده قدم فيديو كليب "دباديبه" الذي حقق نجاحًا كبيرًا رغم أنه لم يكن في الخطة الإنتاجية، إذ كانت شركة سونار بصدد تصوير أغنية لإيهاب توفيق، لكن الظروف قادته لتصوير فكرة مختلفة مع المخرج عادل عوض ونالت إعجاب الجمهور وقتها.
رأيه في صناعة الموسيقى بين الماضي والحاضر
الفنان لم يتردد في انتقاد صناعة الموسيقى حاليًا، معتبرًا أنها فقدت الكثير من التزاماتها السابقة. فرأيه أن الأغاني تُنتج وتُسوَّق اليوم بغض النظر عن جودتها، وأن 80٪ من الدعاية الحالية "غير حقيقية"، تهدف فقط لتحقيق الترند عبر مشاهدات مدفوعة. وعلى العكس، يرى أن الماضي كان أوضح وأكثر التزامًا، حين كان نجاح الفنان يُلمس مباشرةً بشكل لا يقبل التلاعب، بينما يرى أن المعادلة اليوم انقلبت تمامًا.