في خطوة محسوبة سبقه إليها فنانون شباب آخرون، توجه أمجد جمعة إلى الموزع الموسيقي فؤاد جنيد ليتعاون معه للمرة الأولى في أحدث أغانيه "السبع". فبعد النجاح المدوي للعديد من الأغاني من توزيع فؤاد، وآخرها أغنية "خطية" مع بيسان إسماعيل، التي تتصدر قوائمنا، يبدو أن العديد بات يتوجه إليه بحثًا عن الهيت القادم.
لكن التوزيع لم يكن العنصر الوحيد الذي لفتنا حين سمعنا الأغنية. الكلمات التي كتبها أمجد جمعة بنفسه، وأسلوب أدائه، خلّفا انقسامًا في الآراء ضمن فريقنا. ولما وصلت الأغنية إلى قائمة بيلبورد عربية الرئيسية هوت 100، ودخلت مباشرةً إلى المرتبة 59 في أسبوعها الأول، كان لا بد من أن نشارككم أفكارنا حولها.
نورهان أبو زيد
يستمر أمجد جمعة في أغنية "السبع" في الكتابة والتلحين لنفسه، بينما تولى التوزيع الموسيقي فؤاد جنيد. ويأتي هذا التعاون بعد أن كتب أمجد كلمات الديو الهيت "خطية" الذي شكل أول ظهور لفؤاد كمغني إلى جانب بيسان إسماعيل.
أغنية "السبع" لفتت انتباهي وأعجبتني خاصة من ناحية الكلمات، فهي تنقسم بوضوح إلى شقين. الأول يتناول خيبة الأمل في الأصدقاء والأحباب، فتبرز من خلال صور بلاغية مألوفة في الألوان التراثية الشامية مثل "ع فراش السبع ناموا الذيابة"، في إشارة إلى الخيانة من أقرب الناس. أما القسم الثاني فيغوص في مشاعر الحب والوفاء، حيث يتحدث أمجد عن إيفائه بوعوده تجاه محبوبته وتتويج العلاقة بالزواج، فلم تخلو التعابير هنا أيضًا من الصور الجمالية: "ع دروب الورد مشوا الأصيلة/ وحذار البرد ع صدري ميلي".
الأغنية بشكل عام لطيفة، وتدفع المستمع لإعادة سماعها أكثر من مرة. صحيح أن هناك شيئًا من التكرار في الإحساس العام، وربما يعود ذلك إلى بصمة فؤاد جنيد في التوزيعات التي صارت مألوفة جدًا لدى الجمهور بعدما كررها في أعماله مع فنانين آخرين مثل الشامي وبيسان إسماعيل. ولكن ما العيب في إعادة استخدام خلطة ناجحة طالما أنها ما زالت قادرة على التأثير؟
عمر بقبوق
يفتتح أمجد جمعة أغنيته الجديدة، "السبع" بموال على طريقة الميجانا، ويعزز التوزيع الموسيقي لفؤاد جنيد، الذي يُحاكي أصوات الطبول والمجوز إلكترونيًا ملامح الأغنية الشعبية، التي تسير بسياق درامي منطقي حتى اللازمة. ففي المقاطع الأولى يرسم أمجد جمعة ملامح شخصية تمشي على حافة الأسطورة، إنه رجل مغدور ولكنه لا ينكسر، ويبني لها حبكة مكتملة. الأداء الذي يميل للمبالغة والاستعراض يبدو مقنعًا، لنصدق أنه رجل مجروح ومتماسك رغم الألم.
لكن بعد هذا القوس الدرامي المشغول بعناية، ينكسر مع اللحظة التي كان يُفترض أن تُقلب بها الصفحة، من الخيانة إلى العشق، يغني "وعدتك يا حيف أنا أكسر وعدي يا حيف"، وتبدأ الكلمات من بعدها تنزاح نحو الرومانسية. هنا كان يُنتظر أن تلين النغمة، أن يذوب الصوت المتحجر ويغدو عاشقًا، أن تدخل الموسيقى في ضوء مختلف. ولكن لا شيء من هذا يحدث.
الصوت يبقى كما هو: خشبيًا، صارمًا، قاسيًا وخاليًا من الحنان. وكأن الشخصية لم تتحوّل بل بقيت في وضعية القتال.حتى التوزيع الموسيقي يعجز عن مواكبة التحوّل الرومانسي المفترض في النصف الثاني من الأغنية.
ويأتي الكليب، ليُجهز على ما تبقى من احتمالات التأويل الرومانسي، فنشاهد فيه أمجد جمعة يوزع السلاح ويتخم الشاشة بمشاهد الاستعراض الذكوري للبطل الذي ينقذ البطلة، قبل الوصول إلى نهاية رومانسية، تحصل بانتصار مسلّح. يبدو الأمر وكأنه تلخيص بصري لخطاب سائد في الدراما التلفزيونية خلال السنوات الأخيرة: مزيج من الأكشن والرومانسية، حيث العاشق لا ينجح إلا إذا كان عنيفًا.
الخطورة ليست فقط في غياب الحس الجمالي أو الانزلاق في كليشيهات استهلاكية، بل في أن الأغنية، بحبكتها وصورتها، تكرّس العنف كأداة للتواصل العاطفي ولتحقيق النهايات الرومانسية السعيدة.