أصدر حليم تاج السر مساء أمس تراك وفيديو كليب "فاول"، والذي قدم فيه أجواء السهرات الشبابية، مستعينًا بجنرا الفانك البرازيلي لأول مرة عبر إصداراته.
يتمحور التراك حول التبجح والثقة بالنفس بشكل رئيسي؛ مقدمًا بارات تعكس روح السيطرة والهيمنة التي تعد جزئًا من هويته الموسيقية مثل: "هتقلب رصاص تلقاني أول شوتر" و"إسمي في السوق تقيل وبلدوزر". وفي قلب هذه السطوة، يضيف جانبًا ذاتيًا للأغنية حينما يتطرق لعيوبه بشكل مرح ساخر ويهمس: "اسكتي ما تتكلمي"، متبعًا إياها ببار: "إنسان وما في زول كامل" في توازن ذكي بين الثقة المطلقة والوعي بالذات، قبل أن يعرّج على الغزل بخفة ظل في بارات مثل "فاضل دقائق بس طالع الشو / ابعت رسالة لقلبك المخلص".
في الكليب، تتجسّد ملامح عالم حليم البصري بوضوح: جلسات بلاي ستيشن وأوراق لعب وإضاءات تتنوّع بين الأصفر البراق والأزرق النيون، تمنح المشاهد بريقًا حضريًا متماهيًا مع مظهره وقلادته صقر الجديان التي أطلقها مؤخرًا بتصميم المخرج الليبي سالم المزوغي، والذي شاركه أيضًا في إخراج الكليب.
يعتمد الثنائي على زوايا تصوير ضيقة تحاكي الإعلانات التجارية، ما يخلق إحساسًا بالحميمية والقرب بين الكاميرا والمؤدين، ويظهر ذلك في مشاهد مثل تقبيل حليم للكاميرا أو الرقصة الجماعية في اللقطة الختامية، حيث تُستخدم تقنية الإعادة البطيئة لإضفاء ثقل بصري وحيوية إيقاعية على المشهد.
رأي مبدأي
لن نبالغ إن وصفنا تجربة حليم مع الفانك بأنها تلاعب موسيقي مدروس، فهو لم يكتفِ بتأدية باراته على لحنٍ راقص وسريع فحسب، بل نجح في صهر تلك الطاقة اللاتينية داخل قالبٍ سودانيّ الهوى. يتجلى هذا المزج في الكورس الذي يردده بصوته ذي المسحة الغليظة: "دوشك ياجي داخل / بطلع تيجي نازل"، أو من خلال دندنته للهتاف السوداني "أواي أواي"أو استعماله لنداءات الحارات الشعبية " حج يوسف / حج يوسف / حج يوسف".
يضيف أيضًا إليوت بمعاونة دي جي ألو في الماستر والميكسينج العديد من المؤثرات، مثل صوت فتح السيارة والصيحات الغنائية الأفريقية، ليكتمل المزيج بين نمطين موسيقيين يميلان للإيقاعات الراقصة الحيوية، ما ضخ دماء جديدة لوصلات تاج السر التبجحية، وأبعدها عن الوقوع في فخ التكرار أو الملل.
يكالعادة، لا يخلو كليب حليم من رموز بصرية مشاغبة يحبها جمهور السين. فمشهد مباراة فيفا بين فريقين هما في الواقع ريال مدريد ضد ريال مدريد يُقرأ كإشارة لثقته بنفسه ومنافسته لذاته على قمة السين السوداني.
يتبع ذلك ببار "أنا عيني في الصدارة"، قبل أن يضع ذراع التحكم على قدمه ويرقص احتفالًا بالنصر، كأنه يقول ببساطة: اللعبة ليّ.
تألق وراء تألق
يثبت حليم من جديد أنه من أكثر الأصوات وعيًا بمسيرته وبكيفية تطويرها. ففي عامٍ واحد فقط، قدّم سلسلة من المشاريع اللافتة: من النجاح الكبير لـ"مانديلا" بمشاركة الممثل مصطفى شحاتة، إلى الدِسّ تراك الجريء "مولوتوف"، مرورًا بالألبوم القصير "فيفيان"، وقلادة صقر الجديان التي أطلقها كمشروع رمزي للأناقة والهوية بالتعاون مع أحمد سيقا والمزوغي مع نقش "Victory Is Ours"،، وصولًا إلى تراك "مرسيديس" الذي استعرض فيه ثقافة السيارات الليلية بأسلوب هجومي حاد.
بهذه الخطوات المتتالية، يثبت حليم أن عمله الجديد ليس مجرد إضافةٍ إلى رصيده، بل تحوّل تكتيكي محسوب في رحلته لصياغة ملامح جديدة للمشهد السوداني المعاصر.