رغم أن الجمهور تعرف على بسمة بوسيل وصوتها قبل أكثر من 15 عامًا، منذ ظهورها الأول ضمن برنامج مواهب ثم زواجها من النجم تامر حسني وتحولها بعدها إلى شخصية عامة، إلا أن مسيرتها الفعلية كمغنية لها أغانيها الخاصة بدأت قبل عام واحد فقط. فقد كان الشرط الأساسي لزواجها هي وتامر، ابتعادها عن الغناء والتفرغ لحياتها الأسرية. أما بعد طلاقهما بفترة، فسمعنا أغنيتها "البدايات".
تتالت بعدها الأغاني المنفردة، ورغم أن أيًا منها لم تصل بعد إلى قوائم بيلبورد عربية، إلا أنها تابعت وأطلقت قبل أسبوعين ألبومها القصير "حلم"، بأنماط موسيقية مختلفة. تنقلت بين الرومانسية والإيقاعات الحيوية، وبين اللهجة المصرية ولهجتها الأم المغربية. وفيما كانت التجربة ككل متنوعة ومثيرة للاهتمام، إلا أن أغنية "أبو حب" تحديدًا أحدثت انقسامًا ضمن فريقنا.
نور عز الدين
تعود بسمة بوسيل في "أبو حب" بأغنية كان من المفترض أن تكون عتاب لاذع ومليء بالمشاعر، لكنها انتهت كلطشة مألوفة جدًا. تحمل الكلمات حضورًا طاغيًا للدراما، لكن اللحن يخذلها بلحن بوب جاهز مسبقًا أو مستهلك، من النوع الذي يمكن أن يُسمع في موسيقى إعلانات الشوكولا، أو كخلفية لمسلسل.
المشكلة لا تكمن في الكلمات، إذ تحمل كلمات مصطفى حدوتة بعض الجمل اللافتة، مثل"ده كل الناس غرقانة في الهنا / إلا أنا اللي عايشة في غُلب". لكن اللحن والتوزيع لم ينجحا في مواكبة السخرية أو الألم، حتى العتاب، الذي يُفترض أن يكون على الأقل حادًّا، جاء بنغمة "مش عاجبني الوضع... بس يلا مشيها". فبقينا في منطقة رمادية: لا هي أغنية حزينة تُلامس القلوب، ولا هي أغنية بوب ضاربة تكسّر الدنيا. بل هي أغنية تقول: "أنا أتالم... لكن على إيقاع الـ BPM 90".
قد تصبح الأغنية ترندًا على تيك توك لثلاثة أيام مع مقطعها الرئيسي، لكني لم أشعر بأنها تحمل شيئًا يستوقفني أو يجعلني أكرر الاستماع.
هلا مصطفى
كاتب الأغاني مصطفى حدوتة له لمسة خاصة عند الكتابة لشخصيات نسائية. فهو الذي قدّم لنا سابقًا هيتات مثل "مخاصماك" لنوال عبد الشافي و"مسيطرة" لـ لميس كان، يكتب هذه المرة بالنبرة الساخرة نفسها أغنية، تعيد تدوير عبارة الست الشهيرة "حب إيه اللي انت جاي تقول عليه؟". تواجه المرأة أوهام حبيبها الذي يعتقد أنه مغرقها في الهنا، فيما تغرق هي معه في "الغلب".
أما ألفة اللحن الذي وضعه عطار، والذي قد يجده البعض بات مستهلكًا في البوب، لم تكن سلبيةً تمامًا في رأيي للنتيجة النهائية المطلوبة. فهي أغنية واحدة من مشروع أطول، أرادت بسمة عبرها أن تقدم أغنية راقصة خفيفة حيوية، فحصلت عليها. كما أن بساطة اللحن والتوزيعات تفرد المساحة الأكبر لتقوم الكلمات بالمهمة وتفرض الجاذبية، إلى جانب أداء المغنية.
وصوت بسمة بوسيل طبعًا لا يقبل رأيين. أثبتت الفنانة الشابة موهبتها وتمكنها في سن صغيرة، وشهد لها الجمهور بذلك. وتتألق بشكل خاص في المساحة الدرامية في الأغاني وتتقنها. لذا فأغنية كهذه بالنسبة لها، فيها شيء من المرح والعبث، وتقديم نفسها للجمهور بأدوار متنوعة أكثر بالنظر لقلة إصداراتها الخاصة.
*مع أم ضد زاوية خاصة، يختار فيها نقاد من فريق بيلبورد عربية إصدارًا انقسمت آراؤهم حوله، بين من أحبه ومن لم يقتنع به، ليحلله كل منهم حسب رأيه الخاص، لأن الفن فيه جانب ذاتي، يتأثر بالذائقة الشخصية، ولا يمكن الإجماع عليه.